وإن أريد به لزوم الاحتياط في الطرف الآخر ، لاحتمال انطباق التكليف المستصحب عليه من دون أن يحرز ثبوته فيه ، كما وجب الاحتياط فيه مع اليقين بالتكليف إجمالا ، وليست فائدة الاستصحاب إلا تنجيز التكليف على إجماله كما كان منجزا بالعلم ، وليس الاجتناب عن الطرف المذكور إلا لقاعدة الاشتغال خروجا عن التكليف المنجز بالاستصحاب. أشكل بأن الاحتياط في كل طرف من أطراف العلم الإجمالي ليس مفادا للاستصحاب ، لوضوح أن الاستصحاب أصل تعبدي إحرازي ، والاحتياط لا يتضمن التعبد بالتكليف ، بل لزوم التحفظ منه ، وإحراز الفراغ عنه ، خروجا عن احتماله.
نعم إذا أحرز بالاستصحاب التعبد ببقاء التكليف في المعلوم بالإجمال على ما هو عليه من الترديد لزم الاحتياط في كل طرف خروجا عن التكليف المذكور ، لاحتمال انطباق المردد عليه.
إلا أن الاستصحاب في المقام لا ينهض بالتعبد ببقاء التكليف في الطرف المذكور على ما هو عليه من الترديد بعد العلم بعدم فعلية التكليف في الطرف الواجد للمانع ، لوضوح التنافي بين العلم بذلك والتعبد بالنحو المذكور.
مثلا : لو علم بحرمة إناء زيد المردد بين الخزف والصفر ، ثم اضطر المكلف لاستعمال الخزف ، فمقتضى استصحاب حرمة إناء زيد على ما هو عليه من الإجمال حرمة الخزف لو كان هو إناء زيد ، مع أنه يعلم بحليته مطلقا ، إما لأنه ليس إناء زيد ، أو لسقوط حرمته بالاضطرار لو كان هو إناء زيد ، فالتعبد المذكور مناف للعلم التفصيلي. ولأجل ذلك يتعين عدم جريان الاستصحاب.
ومن هنا كان الظاهر أن وجوب الاحتياط في المقام يبتني على منجزية العلم السابق حتى بعد ارتفاعه بسبب طروء المانع.
ولا ينبغي الريب فيه لو كان ارتفاعه ناشئا عن العمل على مقتضى