كما لا مجال للبناء على أن المعيار هي التطبيقات الواقعية المبنية على البحث والتدقيق المغفول عنه عند العرف بحسب طبعهم وما يتعارف بينهم ، لخروجه عن مقتضى الإطلاق المقامي المشار إليه. بل المتعين الاكتفاء بتطبيقات العرف الحقيقية ، وإن ابتنت على إغفال التدقيق المذكور. ومن ثم لا إشكال ظاهرا في جواز امتثال التكليف بصاع الحنطة مثلا بما يكون منها مخلوطا بقليل من التراب أو التبن بالوجه المتعارف ، وإن كان دون الصاع دقة. وكذا في سائر موارد الاستهلاك.
أما لو لم يتيسر للعرف تحديد المفهوم أو تشخيص المصداق ، لخفاء الحال عليهم في مورد ، فاللازم التوقف عن العمل فيه بدليل الكبرى الشرعية ، والرجوع لمقتضى الأصول والقواعد الأخر.
ثانيها : من الظاهر أنه لا إجمال في مفهوم النقض في أدلة الاستصحاب بعد ما تقدم من لزوم حملها على إرادة الشك في الاستمرار ، حيث لا يراد بالنقض إلا رفع اليد عن استمرار الشيء عند الشك فيه ، إلا أنه حيث كان ذلك موقوفا على اتحاد القضية المشكوكة مع القضية المتيقنة المتوقف على اتحاد موضوعهما كان صدق النقض موقوفا أولا : على تعيين موضوع القضية المتيقنة ، وثانيا : على إحراز اتحاد القضية المشكوكة معها فيه.
وعلى هذا يتعين الجري في كلا الأمرين على ما ذكرناه في الأمر السابق ، فيرجع في تعيين موضوع القضية المتيقنة إلى ما يستفاد من الأدلة الشرعية حسبما يفهمه العرف منها ، بضميمة القرائن الحالية والمقالية ونحوها. فإن لم تف ببيانه أو لم تكن القضية شرعية ، بل خارجية ـ كقضية : الماء كر ، وزيد حي ـ تعين الرجوع في تحديد الموضوع للعرف حسبما يدركونه بطبعهم. وإن لم يتيسر لهم في مورد تعيينه لزم التوقف وعدم جريان الاستصحاب ، لعدم إحراز موضوعه.