الأدلّة ، وفي الشبهة البدوية يرتفع الجهل ، وفي المسبوقة بالعلم يحصل اليقين بالخلاف ، هذا على ما ذكره الزاعم المذكور.
والتحقيق على ما عرفت عدم جواز إرادة المعاني الثلاثة من الرواية مع جواز إرادة المعنيين الأخيرين منها.
أمّا الأوّل : فلانتفاء القدر الجامع بين المعاني الثلاثة ؛ لما عرفت من أنّ مجرّد انطباق أحد الأصول للآخر موردا لا يصير منشأ لإرادة مفهومه من دليل الآخر بعد اختلاف مناطهما ، وما ذكره الزاعم المذكور وإن كان صحيحا إلاّ أنّه لا يفيد إلاّ الانطباق بحسب المورد (١) ، وبعد اختلاف المناط لا يمكن إلقاء كلام واحد مفيد للمعنيين فإنّ الكلام في قاعدة الاستصحاب لا بدّ أن يكون مسوقا إلى بيان حال الطهارة السابقة واستمرارها لا لبيان الشكّ فيها من حيث كونه شكّا فقط على ما هو مناط الثاني.
وأمّا الثاني : فلوجود القدر المشترك بين المعنيين ، فالمراد بالشيء مطلق مجهول الحكم ، سواء كان الجهل باعتبار شبهة خارجية أو شبهة حكمية ، فالمعنى أنّ كلّ شيء لم يعلم حكمه من الطهارة والنجاسة من أيّ قسم كان فهو محكوم بالطهارة الظاهرية إلى حصول العلم بنجاسته ، وعمومه للمعنيين ظاهر ، وما ذكره المحقّق مانعا خارج عن طريقة استكشاف المرادات من الألفاظ كما لا يخفى.
ثمّ إنّ ما ذكرنا إنّما هو بحسب إمكان الإرادة ، وأمّا أنّه هل هي ظاهرة (٢) في المعنى الأوّل أو في الثاني أو في الأخيرين؟ فالظاهر ظهورها (٣) في المعنى الثاني ؛ لأنّ جهل (٤) الحكم وإن كان يسري إلى جهل الموضوع إلاّ أنّه خلاف الظاهر ، مضافا إلى أنّ المعصوم على ما هو (٥) الظاهر من مساق الرواية إنّما هو في مقام إقعاد قاعدة يرجع إليها
__________________
(١) « ك » : لا يفيد الانطباق إلاّ بحسب الموارد.
(٢) « ز ، ك » : هو ظاهر.
(٣) « ج ، م » : هو ظهورها.
(٤) « ز ، ك » : ـ جهل.
(٥) « ز ، ك » : المعصوم كما هو.