ولو عند حضوره عليهالسلام ، والغالب هو الشبهة الموضوعية ، فإنّ الجهل الحكمي غالبا يرتفع بالسؤال عنهم عليهمالسلام ، وأمّا إرادة المعنى الأوّل ففي غاية البعد كما لا يخفى ، هذا تمام الكلام في الرواية الأخيرة.
وأمّا الرواية الأولى فاحتمل المحقّق القمي (١) فيها الوجوه المذكورة ، إلاّ أنّه يمكن أن يقال : إنّه غير مستقيم ؛ لأنّ القاعدة إنّما يحسن جعلها لموارد (٢) الاشتباه ، ومن المعلوم بداهة عدم الاشتباه في الماء ، لا في طبيعة الماء (٣) ولا في أفراده ، فلا بدّ من الحمل على بيان الحكم الظاهري من جهة الشكّ في عروض المزيل ، فينطبق (٤) على الاستصحاب. وفيه : أنّ الاشتباه لا ينحصر (٥) فيما يزعمه (٦) ؛ إذ قد يحصل باعتبار العوارض ، فإنّ له أفراد (٧) مختلفة بحسب ما يعرضه من الحالات من ملاقاته بالنجس مغيّرا له أو غيره ، ومن كونه قليلا أو كثيرا ، جاريا أو محقونا ، ويشاهد ذلك في الكرّ المتنجّس إذا شكّ في تطهيره بإلقاء كرّ عليه ، فإنّ قضيّة (٨) القاعدة هو الحكم بالطهارة وإن كانت (٩) قضيّة الاستصحاب خلافه. ثمّ إنّ الماء الذي هو مسبوق بالعلم بالنجاسة عند الشكّ في طهارته ونجاسته هل هو داخل فيما بعد الغاية نظرا إلى أنّ العلم أعمّ من الحاصل قبل الشكّ وبعده كما لعلّه يظهر من سيّد الرياض ، أو فيما قبله ؛ لأنّ الرواية منساقة إلى بيان حكم المشكوك ، فتشتمل (١٠) موارد الشكّ بأجمعها وهو الظاهر؟ وجهان ، إلاّ أنّ الاستصحاب حاكم على الأصل المذكور كما ستعرف إن شاء الله في محلّه (١١).
فتلخّص من جميع ما مرّ أنّ هذه الروايات لا دلالة فيها على الاستصحاب في
__________________
(١) القوانين ٢ : ٦٣ ـ ٦٤ وفي ط : ص ٢٧١ ـ ٢٧٢.
(٢) « ك » : في الموارد.
(٣) « ز ، ك » : طبيعته.
(٤) « ج ، م » : فتطبق.
(٥) « ج ، م » : لا تنحصر.
(٦) « ج ، ك » : زعمه.
(٧) كذا في النسخ ولعلّ الصواب : أفرادا.
(٨) « ز ، ك » : مقتضى.
(٩) « ج ، م » : كان.
(١٠) « م » : فيشتمل ، وفي « ز ، ك » : فتشمل.
(١١) « ز ، ك » : ـ في محلّه.