وقال في موضع آخر ـ بعد ما مهّد كلاما يتفرّع على ما قدّمه في أوّل الباب ـ : لا حجّية للاستصحاب في القسم الثالث مطلقا ، وفسّره بأنّه الذي علم ثبوت الحكم في الجملة أو في حال أو (١) شكّ فيما بعده ، قال : وذلك لأنّ بعد ما علم حكم في وقت أو حال وشكّ فيما بعده وإن كان مقتضى اليقين السابق واستصحاب ذلك الحكم وجوده في الزمان الثاني و (٢) الحالة الثانية ولكن مقتضى استصحاب حال العقل عدمه ؛ لأنّ هذا الحكم قبل حدوثه كان معلوم العدم مطلقا ارتفع (٣) عدمه في الزمان الأوّل فيبقى الباقي ، ومثّل لذلك بأنّ الشارع إذا أمر بالجلوس يوم الجمعة وعلم أنّه واجب إلى الزوال ولم يعلم وجوبه بعد ذلك فنقول : كان عدم التكليف بالجلوس فيه قبل الزوال ، فصار بعده موضع (٤) الشكّ ، فلنا (٥) شكّ ويقينان وليس بقاء حكم أحد اليقينين أولى من الآخر (٦).
إلى أن قال : وبالجملة : بملاحظة اليقين بالعدم الحاصل قبل الشرع أو التكليف أو (٧) البلوغ والعقل واستصحابه يحصل التعارض في جميع موارد القسم الثالث ، فلا مرجّح (٨) لأحدهما ، فلا يكون شيء منهما حجّة ويجب تركهما والرجوع إلى ما يقتضيه دليل آخر. وعليه فرّع الجواب عن شبهة النبوّة المتقدّمة.
ثمّ قال : وأمّا القسمان الأوّلان فيظهر ممّا ذكر أيضا عدم حجّية استصحاب حال الشرع فيهما أيضا إذا كان المستصحب من الأمور الشرعية بواسطة التعارض (٩) ، فإنّ استصحاب الطهارة والمالكية ونحوهما من الأمور المقرّرة في الشريعة إلى ثبوت رافعها عند الشكّ في الرافع ، أو في رافعية معارض باستصحاب عدم جعل الشارع لتلك
__________________
(١) في المصدر : « و ».
(٢) في المصدر : « أو » بدل : « و ».
(٣) في المصدر : علم ارتفاع.
(٤) في المصدر : بالجلوس قبل يوم الجمعة وفيه إلى موضع.
(٥) في المصدر : قلنا.
(٦) في المصدر : ومن إبقاء حكم الآخر بها.
(٧) في المصدر : « و » بدل : « أو ».
(٨) في المصدر : ولا مرجّح.
(٩) في المصدر : الشرعية مطلقا لأجل تعارضه مع استصحاب حال العقل.