فإن قلت : إنّ استصحاب الموضوع مزيل بالنسبة إلى استصحاب عدم تلك الأحكام الموضوعة لتلك الآثار ، فمع فرض جريان الأصل المزيل لا يبقى الشكّ في وجود الآثار المتفرّعة عليه ، فيصير مشمولا للرواية.
قلت : قد تحقّق في موضعه على ما ستعرف (١) ـ إن شاء الله (٢) ـ أنّ وجه التقدّم في الاستصحاب السببي على الأصل السّببي ارتفاع شكّ المسبّب بعد استصحاب السبب ، وفيما نحن فيه لا يرتفع الشكّ ؛ إذ المفروض عدم ترتّب الموضوعات العاديّة والعقلية على المستصحب وما لم يكن وجودها محرزا في مرحلة الظاهر لا يرتفع الشكّ (٣) في وجود آثارها كما هو ظاهر وسيجيء لذلك زيادة توضيح في الخاتمة (٤).
فإن قلت : لا شكّ في ترتيب الآثار العقلية والعاديّة وما يترتّب عليهما من الأحكام الشرعية على الأدلّة التعبّدية الاجتهادية كالبيّنة والخبر الواحد ، فلو أخبر العدل بوجود زيد في زمان يقتضي (٥) بياض (٦) شيبته ، فيحكمون بالبياض ويترتّبون عليه ما يترتّب عليه من الآداب اللاحقة له من احترامه ونحوه ، ومجرّد كونها اجتهادية غير مجد ؛ إذ المفروض عدم اعتبارها في نفسها ، بل إنّما تعبّدنا الشارع بالعمل بها فتصير (٧) من التنزيلات الشرعية ، وعلى ما قرّرت من أنّها لا تزيد (٨) على الأحكام الشرعية في مقام ترتيب الآثار فلا بدّ إمّا من عدم الالتزام بها في الأدلّة الاجتهادية والواقع خلافه ، وإمّا من الأخذ بتمام الأحكام المترتّبة على المستصحب وهو المطلوب.
قلت : فرق ظاهر بين المقامين ، وتحقيقه : أنّ الأدلّة التعبّدية على قسمين : فإنّ منها ما
__________________
(١) « ز ، ك » : ستعرفه. انظر ص ٤٩٣ وما بعدها.
(٢) « م » : الله العزيز.
(٣) من قوله : « إذ المفروض » إلى هنا سقط من « ز ، ك ».
(٤) انظر ص ٣٨٠ وما بعدها.
(٥) « م » : يقضي.
(٦) « ج ، م » : ببياض.
(٧) في النسخ : فيصير.
(٨) « ج ، م » : لا يزيد.