له مدلول كالبيّنة والخبر ، ومنها ما ليس له مدلول (١) كالبراءة في مواردها وأصالة الصحّة في محالّها والاستصحاب في مجاريها.
فالدليل الدالّ على اعتبار القسم الأوّل يدلّ على أنّ مدلول قول العادل في الوقائع التي أخبر عنها لا بدّ من الأخذ بها وتصديقه فيها ، وكذا مدلول قول الشاهد العدل واقع ، فهذه الأدلّة طرق إلى الواقع ، ولمّا لم تكن (٢) قطعية من حيث احتمال التخلّف عنها في نظر المكلّف لم تكن حجّة بنفسها ، فاحتاجت (٣) إلى بيان اعتبارها دفعا لهذا الاحتمال بوجه لم يكن مضرّا في الاستدلال بها والاعتماد عليها ، ولا شكّ (٤) أنّ قول العادل له مدلول مطابقي ومدلول تضمّني والتزامي ، فمعنى اعتباره اعتبار تمام ما يستفاد منه على ما هو المتعارف في الاستفادة عند العرف والعادة ، فالمخبر بوجود زيد مخبر ببياض شيبته أيضا ، وما يترتّب على المدلول المطابقي من الآثار إنّما هو بواسطة الإخبار به وهو بعينه موجود في المدلول الالتزامي ، فيترتّب عليه أيضا آثاره من غير تفاوت بين المدلولين لاستوائهما في المأخذ.
وذلك بخلاف الأدلّة التي ليس لها مدلول كالاستصحاب وأصالة الصحّة ، فإنّ الدليل الدالّ على اعتبارها إنّما يدلّ على أنّ (٥) الموارد التي كانت مسبوقة بالحالة السابقة عند الشكّ ، أو الموارد التي شكّ في صحّتها مع احتمالها ، لا بدّ من الأخذ بالحالة السابقة والحمل على الصحّة ، وليس للصحّة مدلول ولا للإبقاء مدلول مثل ما كان في الخبر والبيّنة ، فليس لمواردها مدلول مطابقي ولا التزامي ؛ إذ ليس لفظا ولا حالة إدراكية كالظنّ مثلا ، فإنّه وإن لم يكن لفظا إلاّ أنّه يلازم الظنّ باللازم كالعلم على ما هو غير خفيّ.
__________________
(١) « ز ، ك » : ليس مدلول له.
(٢) في النسخ : لم يكن. وكذا في المورد الآتي.
(٣) « ز ، ك » : واحتاجت.
(٤) « م » : فلا شكّ.
(٥) « م » : ـ أنّ.