يمكن التوصّل إليه بالقياس أم لا؟ بعد اتّفاقهم على اكتفاء حكم العقل فيه بالاستصحاب. انتهى.
وهذا (١) كما ترى ينادي بأنّ التوصّل بالاستصحاب إلى النفي الأصلي أمر مفروغ عنه عندهم.
ومنها : ما احتجّ به في المعالم من أنّ العلماء مطبقون على وجوب إبقاء الحكم مع عدم الدلالة الشرعية على ما تقتضيه البراءة الأصلية (٢) ، ومثله ما في المعارج (٣) ودلالتهما على مقصودهم وجهها (٤) ظاهر.
ومنها : عنوان غير واحد من أرباب الفنّ وأصحاب الصناعة بأنّ استصحاب الحال كذا ؛ إذ من الواضح أنّ المراد منه هو الأمر الوجودي.
إلى غير ذلك من الكلمات الدالّة على ذلك تصريحا أو تلويحا ، إلاّ (٥) إنّ ذلك بمعزل عن التحقيق ، فإنّ مدّعي الإجماع إن أراد أنّ القوم مطبقون على العمل بمقتضى قاعدة البراءة وهو الحكم بعدم ثبوت ما يترتّب على التكليف ، فهو حقّ ، لكنّه غير مفيد ؛ إذ من المحتمل قويّا ـ بل ولا بدّ أن يكون هو المتعيّن (٦) ـ أن يكون تعويلهم على ذلك من حيث اقتضاء مجرّد الشكّ من دون احتياج إلى انسحاب الحالة السابقة بالاستصحاب كما هو قضيّة قاعدة البراءة ، أو يكون حكمهم بالعدم مستندا إلى قاعدة العدم ؛ إذ قاعدة « عدم الدليل دليل العدم » من القواعد التي توافق الاستصحاب (٧) موردا. وإن أراد أنّ العمل على العدم بمقتضى قاعدة الاستصحاب بانجرار العدم المعلوم سابقا وانسحابه بالاستصحاب إلى زمن الشكّ ليترتّب عليه آثاره ، فغير سديد ؛ إذ عدم الخلاف فيما يستفاد من العبارات المتقدّمة إنّما هو إجماع عملي ، والوجه في أمثال ذلك
__________________
(١) « ج » : هو.
(٢) المعالم : ٢٣٤.
(٣) معارج الأصول : ٢٨٧.
(٤) « ز ، ك ، م » : وجها.
(٥) « م » : ـ إلاّ ، وفي « ز ، ك ، ل » : « و » بدل « إلاّ ».
(٦) المثبت من « ك » وفي سائر النسخ : المعيّن.
(٧) « م » : الأصحاب.