ممّا يحتمل أن يكون وقوعه على وجوه مختلفة عدم جواز تعيين وجه منها ، لعدم دليل عليه بالخصوص ، على أنّك قد عرفت (١) فيما تقدّم من مباحث البراءة عدم الحاجة إلى الاستصحاب عند الشكّ في البراءة وعدمها ؛ لأنّ الأحكام المترتّبة على المستصحب بعد انسحابه بالاستصحاب إنّما هو مترتّب على ما هو مقدّم طبعا عليه وهو مجرّد الشكّ بقبح العقاب بدون البيان في مجاري البراءة.
وبالجملة : فمدّعي الإجماع لا بدّ له من إثبات انعقاد الإجماع على حجّية استصحاب البراءة وإن قطعنا النظر عن اعتبار قاعدة البراءة ، بل الحكم في مواردها إنّما هو مترتّب (٢) على العدم المنسحب بالاستصحاب ، ودون إثباته خرط القتاد.
على أنّ دلالة العبارات المتقدّمة على مطلوب مدّعي الإجماع في محلّ من المنع بالنسبة إلى جميعها فإنّ الاستشهاد بكلام العلاّمة إنّما يتمّ فيما لو قلنا بأنّ ضمير الجمع المضاف إليه الاتّفاق إنّما يرجع إلى القوم دون القائلين بالقياس ، مع أنّ سوق العبارة ظاهر فيه. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ القائلين بالقياس هم النافون (٣) للاستصحاب فيتمّ الاتّفاق إلاّ أنّه كما ترى.
وأمّا الاستشهاد بكلام المعالم فلم يثبت أنّ الفقرة الدالّة منها على المطلوب من كلام المستدلّ ولعلّه ناش من اجتهاده في استدلالهم.
وأمّا قولهم في العنوان فلا دلالة له على المطلوب بوجه ، وعلى التنزّل فلعلّ نظرهم مقصور على أنّ الآثار المطلوبة في الاستصحاب غالبا إنّما يترتّب على المستصحب الموجود ، فتأمل.
فالتحقيق في المقام ـ على ما أفاده الأستاد المحقّق المرتضى أديمت إفاداته ـ عموم النزاع لأقسام الاستصحاب الوجودي والبراءة الأصلية ، لأمرين :
__________________
(١) عرفت في ج ٣ ، ص ٣٣٠.
(٢) « ج » : إنّما يترتّب.
(٣) « م » : النافين ، وفي « ج ، ك » : القائلين.