الأوّل : أنّه لا ريب في اتّحاد مناط الاستصحاب في الوجودي (١) والعدمي ، فإنّ المدار فيه (٢) على اليقين السابق والشكّ اللاحق بأخذه مصاحبا من زمن اليقين (٣) إلى زمن الشكّ ليحكم عليه بما كان يحكم عليه في ذلك الزمان ، إمّا بواسطة أنّ تحقّق الشّيء في السابق في مرتبته وتقرّره (٤) في ذاته ـ ولو كان أمرا عدميا ـ يحتاج في الخروج عنه والحكم بخلافه عند العقلاء إلى دليل مخرج عن ذلك بواسطة حصول الظنّ بالبقاء ، أو بواسطة معاملتهم إيّاه معاملة السابق ولو كان مشكوكا أيضا كما يشعر بذلك بعض وجوه استدلالاتهم في مطاوي كلماتهم ، وإمّا بواسطة دلالة الأخبار على ذلك ، فإنّ الوجوه القائمة على اعتبار الاستصحاب لا يخلو من ذلك ، وكلّ ذلك بالنسبة إلى الوجود والعدم سواء ، فنحن لا نرى (٥) فرقا في ذلك بين الوجود والعدم ، فتخصيص أحدهما بالخروج عن النزاع دون الآخر يشبه أن يكون ترجيحا بلا مرجّح.
الثاني : ما يدلّ على دخول البراءة الأصلية في محلّ الخلاف من عباراتهم تصريحا أو تلويحا.
منها : التفصيل الذي عزي إلى المحقّق على ما قد (٦) استفيد من قوله في المعتبر بعد تثليثه أقسام الاستصحاب ، قال : استصحاب حال العقل وهو البراءة الأصلية و [ الثاني ] أن يقال عدم الدليل على كذا ، فيجب انتفاؤه ، وهذا إنّما يصحّ فيما أنّه (٧) لو كان هناك دليل لنظفر به (٨) ، وأمّا لا مع ذلك فيجب (٩) التوقّف ، ولا يكون ذلك الاستدلال حجّة ، و [ الثالث ] استصحاب حال الشرع (١٠) ، انتهى. فإنّ اعتبار عموم البلوى في اعتبار
__________________
(١) « ز ، ك ، ل » : اتّحاد المناط في الاستصحاب الوجودي.
(٢) « ز ، ك » : في الاستصحاب.
(٣) « ك » : السابق.
(٤) « ز ، ك » : تقريره.
(٥) « ج » : سواء ، ألا ترى.
(٦) « ز ، ك » : ـ قد.
(٧) في المصدر : فيما يعلم.
(٨) « م » : نظفر به ، وفي « ج » : لظفر به.
(٩) في المصدر : فإنّه يجب.
(١٠) المعتبر فى شرح المختصر ١ : ٣٢ مختصرا ، وما بين المعاقيف منه.