عن استصحاب الحكم.
لا يقال : كما أنّه يمكن توارد الأدلّة الاجتهادية في مورد الاستصحاب فكذلك يمكن تعدّد الاستصحاب بجريانه (١) تارة : في موضوعه ، وأخرى : في نفسه.
لأنّا نقول : إنّ جريان الاستصحاب في موارد الأدلّة الاجتهادية بعد فرض انتفائها وفرض انتفاء الموضوع ينافي الاستصحاب ، فعلى الأوّل فرض الانتفاء محقّق للاستصحاب ، وعلى الثاني مناف له ، وذلك ظاهر لا سترة عليه.
وما ذكرنا ظاهر فيما إذا كان الشكّ في الحكم الشرعي مسبّبا عن الشكّ في الموضوع وجودا وعدما ، وأمّا إذا كان الشكّ في الحكم باعتبار أمر آخر كما في مثال الطلاق فنقول : إنّ استصحاب وجود زيد أيضا يكفي في استصحاب الحكم الشرعي المترتّب على الطلاق ؛ لأنّ الموضوع إنّما يلحقه أحكام عديدة ويكفي في لحوقها له فرض وجوده وإن توقّف فعليته على تحقّق المفروض ، والمقدّر أنّ الاستصحاب (٢) الجاري في نفس الموضوع معناه ترتيب (٣) أحكامه الشرعية ، فبعد استصحاب الموضوع وتحقّقه تعبّدا يحكم بترتّب جميع أحكامه من غير حاجة إلى استصحاب آخر.
وتوضيحه وتحقيقه : هو أنّه لا شكّ أنّ القضايا الشرعية ليست قضايا خارجية ، بل إنّما هي قضايا حقيقية يكفي في صدقها فرض تحقّق موضوعها ، كما يلاحظ ذلك في نجاسة الكلب مثلا ، وطهارة الماء ، فإنّ إثبات هذه المحمولات لموضوعاتها لا يتوقّف على وجودها في الخارج ، فزيد الموجود في الخارج من أحكامه ولواحقه حرمة زوجته (٤) على غيره ووجوب نفقتها عليه عند العلم بعدم الطلاق ، كما أنّ من أحكامه حرمة زوجته على الغير (٥) عند الشكّ في الطلاق ، فيكفي في لحوق هذا الحكم له وتعلّقه
__________________
(١) « ز » : لجريانه.
(٢) « ز » : استصحاب.
(٣) « ز ، ك » : ترتّب.
(٤) « م » : « زوجيته » وكذا في الموردين الآتيين.
(٥) « ز ، ك » : غيره.