الشرعية مبنيّة غالبا عليه ؛ لأنّ الدليل إنّما يتمّ لو لم يتطرّق إليه المعارض من نسخ وغيره ، وإنّما يعلم نفي المعارض بالاستصحاب.
وفي المنية احتجّ عليه بأنّ أكثر الأحكام الشرعية مبنيّة على الاستصحاب ، فيكون حجّة. أمّا الأوّل : فلأنّ الدليل إنّما يجب العمل به إذا لم يطرأ عليه ما يزيل حكمه إمّا مطلقا كالناسخ ، أو بعض مدلولاته كالتخصيص للعامّ والتقييد للمطلق ، أو معارضة دليل راجح عليه ولا وسيلة إلى العلم بانتفاء (١) ذلك إلاّ من الاستصحاب.
وأمّا الثاني : فبيّن.
وفي الرسالة الاستصحابية : ومنهم من أنكر حجّية الضرب الأوّل ، لكن نجد من الجميع حتّى المنكر مطلقا أنّهم يستدلّون بأصالة عدم النقل ، مثلا يقولون : الأمر حقيقة في الوجوب في عرفنا ، فكذلك لغة (٢) ؛ لأصالة عدم النقل ، ويستدلّون أيضا بأصالة بقاء المعنى اللغوي ، فينكرون الحقيقة الشرعية ، إلى غير ذلك كما لا يخفى على المتتبّع (٣).
وفي بعض شروح المنهاج للإسنوي (٤) : وأيضا لو لم يكن الاستصحاب حجّة لم يكن الأحكام الشرعية (٥) في زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله ثابتة في زماننا أصلا ؛ لجواز تطرّق النسخ عليها ، فلم تبق (٦) ثابتة ، لكنّ الأحكام الثابتة في زمانه صلىاللهعليهوآله باقية في زماننا بالاتّفاق ، ولم يكن دليل (٧) عليها غير الاستصحاب (٨) ، انتهى.
ووجه دلالة هذه الحجّة على خروج استصحاب العدم من حريم الخلاف هو أنّ عدم اعتبار تلك الأصول العدمية إنّما جعل تاليا في الشرطية التي يطلب منها اعتبار
__________________
(١) في المصدر : ببقاء.
(٢) « ج ، م » : بعد ، وفي المفاتيح : لغته.
(٣) الرسائل الأصولية ( رسالة الاستصحاب ) : ٤٢٤.
(٤) في المصدر : ـ للإسنوي.
(٥) في « ل » والمصدر : الشرعية الثابتة.
(٦) في المصدر : فلم يبق.
(٧) في المصدر : ـ دليل.
(٨) مفاتيح الأصول : ٦٤٤.