التساقط بالإعمال في الجملة على حسب اختلاف المقامات من وجود المرجّح تارة ، والتخيير أخرى ، والجمع مرّة.
نعم ، لو كان استحالة وجوب كلّ واحد منهما على وجه استحالة المحالات قبل تعلّق التكليف بالمكلّف كان الوجه هو القول بالتساقط ، ولكن قد عرفت أنّ الامتناع إنّما نشأ من نفس الأمر وإطلاقه وتقييده بالإمكان عين مفاد القول بعدم التساقط.
لا يقال : إنّ اجتماع المطلوبين في نفسه محال ؛ لكونه عملا بالمتضادّين مثلا ، فلو فرض عدم الأمر بهما أيضا كان اجتماعهما في مقام العمل محالا.
لأنّا نقول : المطلوب هو كلّ واحد من الأفراد ، والاجتماع ليس مطلوبا أصلا ، والمفروض أنّ العمل بكلّ واحد في نفسه ممكن ، والامتناع إنّما نشأ من الجمع (١) وهو لازم الأمرين ، ومحاليته يستلزم عدم كونه مكلّفا به لا عدم كون الأفراد مكلّفا بها أصلا ليلزم التساقط ، ومعنى عدم وجوب الجمع (٢) بين العمل بالدليلين مع بقاء مقتضي العمل بكلّ (٣) واحد منهما هو الإعمال على وجه التخيير مثلا ، وذلك كما في تزاحم الحقّين والواجبين كإنقاذ الغرقى وإنجاء الحرقى ، فإنّ القول بعدم وجوب إنجاء كلّ واحد من الغريقين عند دوران الأمر بينهما وعدم إمكان الجمع بينهما ملحق (٤) بأقوال أصحاب السوداء ، وليس الوجه في ذلك إلاّ بقاء مصلحة الوجوب في كلّ واحد منهما على وجه لو فرض انتفاء الآخر كان الواجب هو بعينه ولذلك (٥) مع عدم وسعة الزمان لإنجائهما معا امتنع اجتماعهما في الوجود ، ومن المعلوم أنّ امتناع شيء لا يوجب رفع التكليف عن شيء ممكن آخر ، فالاجتماع إنّما ارتفع التكليف به ، فيبقى (٦) الممكن في مقام التكليف وهو الإتيان بأحد الفردين على أن يكون الخيرة بيد المكلّف.
__________________
(١) المثبت من « د » ، وفي سائر النسخ : الجميع.
(٢) « ج ، س » : الجميع.
(٣) « ج ، م » : لكلّ.
(٤) « ج » : يلحق.
(٥) « ج ، د » : كذلك.
(٦) « م » : فبقي.