لا يقال : إنّ ذلك مسلّم فيما علم وجود المصلحة فيهما عند التعارض ، وهو فيما نحن فيه أوّل الكلام ؛ لاحتمال أن لا يكون المصلحة موجودة في الخبرين عند التعارض كأن يكون في أحدهما دون الآخر أو لا يكون في شيء منهما.
لأنّا نقول : المتّبع ظواهر الأدلّة والمفروض إطلاقها (١) لكلّ واحد منهما ، وبذلك يستكشف وجود المصلحة فيهما ولو عند التعارض ، ولهذا قلنا في مباحث الأمر والنهي بصحّة صلاة الجاهل بالغصب في المكان المغصوب ؛ إذ لو لم يكن إطلاق الأمر باقيا حال الغصب لم يكن للقول بالصحّة وجه.
وبالجملة : فكم من فرق بين أن يكون عدم القدرة مسبّبا عن التكليف ، أو كان سابقا عليه ، والوجوب العيني المتعلّق بكلّ واحد من المتعارضين استحالته من قبيل الأوّل لا الثاني ، فإنّ مقتضى الأوّل هو التخيير ؛ لثبوت التكليف أوّلا ، بخلاف الثاني ؛ إذ الامتناع السابق يمنع (٢) عن تعلّق التكليف ابتداء.
وتوضيح الفرق هو أنّ الامتناع موجب لامتناع تعلّق (٣) التكليف بالممتنع ، وهذه الصفة لا بدّ وأن تكون (٤) مقدّمة على التكليف بذلك الممتنع الذي فرض امتناع تعلّق التكليف به ؛ لكونه ممتنعا إلاّ أنّ موضوع ذلك الممتنع تارة : يتحقّق قبل التكليف بشيء ، وأخرى : بعده ، وفي المقام الممتنع الذي يمتنع التكليف به هو امتثال الجميع وذلك فرع التكليف بالأفراد (٥) ، وإلاّ فلا معنى لعنوان الامتثال فإنّه فرع الأمر ، فلا يجب (٦) الامتثال في الجميع لامتناعه ، ويجب الأخذ بأحدهما لإمكانه (٧).
__________________
(١) المثبت من « س » وفي سائر النسخ : « إطلاقهما ».
(٢) « س ، م » : يمتنع.
(٣) « ج » : للامتناع لتعلّق.
(٤) في النسخ : يكون.
(٥) « ج » : بالأفراد ذلك.
(٦) « ج » : « فلا يجدي » وكذا في المورد الآتي.
(٧) في هامش « م » : ملخّص القول في المقام : أنّ إطلاق الأمر بالأخذ بالدليل قاض باعتبار كلّ ـ