وكيف كان ، فقد ذكر جماعة أنّ أقسام الاشتقاق ثلاثة ؛ لأنّ الفرع إمّا أن يشتمل على اصول حروف الأصل وترتيبه ، أو يشتمل على الأوّل دون الثاني ، أو لا يشتمل على شيء منهما بعد وجود مناسبة في الجملة في اللفظ والمعنى على وجه يصحّ معه اعتبار أحدهما أصلا ، والآخر فرعا.
فالأوّل : هو المشتقّ بالاشتقاق الصغير ، وقد يقال له : الأصغر أيضا ، كقولك : « ضارب » المأخوذ من الضرب المشتمل على حروف الأصل وترتيبه.
والثاني : هو المشتقّ بالاشتقاق الكبير ، وقد يقال له : الصغير كـ « جذب » المأخوذ من « الجبذ » أو « جبذ » المأخوذ من « الجذب » مثلا.
والثالث : هو المشتقّ بالاشتقاق الأكبر ، وقد يقال له : الكبير أيضا كـ « ثلم » و « ثلب ».
وعرّف المشتقّ بالاشتقاق الأصغر بأنّه لفظ وافق أصلا باصول حروفه ولو حكما ، مع مناسبة المعنى ، وموافقة الترتيب.
واشكل على الحدّ بلزوم الدور ؛ فإنّ معرفة الأصل موقوفة على معرفة الاشتقاق مع توقّف معرفة المشتقّ عليه (١).
واجيب عنه بوجوه (٢) جلّها بل كلّها لا يخلو عن نظر :
والأولى في الدافع أنّه يكفي في معرفة الأصل ما عرفت في معناه اللغوي ؛ فإنّ المراد به ما يجعل أمرا آخر شقّا منه سواء كانا لفظيين أو غيرهما ، وهو بهذا المعنى لا يتوقّف على معرفة الاشتقاق الذي هو أخذ اللفظ من مادّة لفظ آخر كما هو المراد في المقام ؛ فإنّه من موارده ، ولا يتوقّف تصوّر العامّ على تصوّر الخاصّ وإن أمكن جعل
__________________
(١) نقله في الفصول : ٥٩.
(٢) انظر الفصول : ٥٩.