وأبعد من ذلك ما يحكى عن التفتازاني (١) من تخصيص النزاع باسم الفاعل بمعنى الحدوث دون مثل المؤمن والكافر والأبيض والحرّ والعبد ، فإنّه لا وجه له أبدا.
وأمّا دعوى الإجماع (٢) على عدم تسمية المؤمن اللاحق كافرا ، فإن أراد الإجماع على عدم ترتيب الآثار ، فهو مسلّم ، ولا يجدي في نفي الموضوع ، وإن أراد الإجماع على عدم التسمية ، فهو ممنوع ؛ لوجود الخلاف قطعا في التسمية وإن لم يترتّب عليه الأحكام كما هو ظاهر.
نعم ، يمكن دعوى اتّفاق العرف على السلب وهو صحيح ، ودليل على اشتراط التلبّس في الصدق كما ستعرف.
ورابعها : أنّه يحكى عن جماعة منهم الشهيد الثاني قدسسره (٣) باختصاص النزاع بما إذا لم يطرأ على المحلّ ضدّ وجودي ، فإنّه معه لا يصدق اتّفاقا.
ولعلّ الوجه فيه أنّه مع طريان الضدّ أو صدق الآخر يلزم اجتماع الضدّين ، ولو صحّ ذلك ، فارتفاع نفس الوصف وإن لم يطرأ عليه الضدّ أولى بأن لا يكون محلاّ للخلاف ؛ لأنّ التنافي بين الوجود والعدم أشدّ من التنافي بين الوجوديين وإن استند نفي منع التنافي على تقدير الصدق ، لاختصاص التنافي بما (٤) إذا لم يتّصف المورد بالمرّة بذلك الوصف بناء على شمول المشتقّ لما انقضى عنه المبدأ ، فيلتزم به في المتضادّين أيضا إلاّ أنّ ذلك فيهما على خلاف التحقيق ؛ لأنّ بناء الفرق والاستعمال على الفعلية كما ستعرف.
__________________
(١) حكى عنه في هداية المسترشدين : ٨٣ وفي الفصول : ٦٠ وفي المناهج : ٣٥ ونقله أيضا الرشتي في بدائع الأفكار : ١٧٦ ـ ١٧٧.
(٢) انظر الفصول : ٦٠.
(٣) تمهيد القواعد : ٨٥ ، قاعدة ١٩ ، وعنه في المناهج للنراقي : ٣٥.
(٤) « ق » : بهما.