وخامسها : أنّه قد يحكى عن بعضهم (١) اختصاص النزاع بما إذا كان المشتقّ محكوما به وأمّا إذا كان محكوما عليه ، فلا خلاف في عدم اشتراط بقاء المبدأ ؛ لعدم الخلاف في أنّ الزاني والسارق في آية الجلد والقطع (٢) لا يعتبر فيهما الاتّصاف.
وفيه : أنّ الإجماع على كفاية وجود العنوان في الزمان الماضي في وجوب إجراء الحدّ عليهما هو لا يدلّ على صدق العنوان لغة عليهما بعد الانقضاء.
مع أنّه لم يعهد اختلاف مدلول اللفظ بجعله موضوعا أو محمولا بحسب الأوضاع اللغوية كما هو ظاهر ، وقد تبيّن وجه الخروج بأنّه اتّفق المسلمون على أنّ قوله تعالى : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي ) إلخ (٣) و ( السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ ) إلخ (٤) و ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ )(٥) ونحو ذلك يتناول من لم يتّصف بهذه المبادئ حال النزول.
وفيه أوّلا : أنّ آية القتل لا ربط لها بالمقام ؛ لأنّ المشركين في الآية لا يكون محكوما عليه.
وثانيا : أنّ عدم الاتّصاف حال النزول ممّا لا ربط له بالمقام ؛ لأنّ الكلام في الصدق بالنسبة إلى ما انقضى عنه المبدأ لا بالنسبة إلى من لم يتّصف بعد كما هو ظاهر ، وكيف كان ، فالوجه في الاستعمال المذكور في الآيات هو ملاحظة حال المتلبّس كما لا يخفى ، فلا ينبغي جعل ذلك منشأ للخروج عن الخلاف.
الثاني (٦) : قد صرّح جماعة من أهل التحقيق أنّ الزمان خارج عن مدلول المشتقّ المقصود بالبحث عنه في المقام وهو الذي يقتضيه التأمّل في مدلوله في موارد
__________________
(١) هو الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٨٥. انظر الفصول : ٦٠.
(٢) النور : ٢ والمائدة : ٣٨.
(٣) النور : ٢.
(٤) المائدة : ٣٨.
(٥) التوبة : ٥.
(٦) أي الأمر الثاني مرّ الأوّل في ص ١٢.