وبين ما هو المعروف من علماء الميزان من أنّ الوصف (١) العنواني في الموضوع في القضايا المتعارفة في المحاورات هل يكفي فيه مجرّد إمكان اتّصاف ذات الموضوع به ـ كما هو المنسوب إلى الفارابي ـ أو يجب فيه تحقّق النسبة في أحد الأزمنة الثلاثة التي يعبّر عنه بالفعلية التي يؤخذ جهة في قبال الإمكان والضرورة والدوام ـ كما هو المنسوب إلى الشيخ [ الرئيس ] ـ حيث إنّ القول بالإمكان في تلك المسألة ينافي اعتبار الفعلية بالمعنى المذكور هناك ، فكيف بالمعنى المردّد في المقام؟
ووجه عدم التنافي أنّ الظاهر أنّ ذلك النزاع في صحّة الحكم والقضية بحسب المعنى والعقل ؛ إذ لا يعقل الحكم على ما لا يمكن اتّصافه بعنوان الإنسانية في قولك : « الإنسان كاتب » أو « ضاحك » ولا يجري المحاورة على شيء يمتنع اتّصافه بوصف الإنسانية مثلا ، فالإمكان هو القدر المتيقّن ، فلا حاجة إلى فرض تحقّق النسبة في زمان في صحّة الحكم والقضية كما أفاده الشيخ ، وذلك لا ينافي أن يكون العبارة الدالّة على ثبوت عنوان الموضوع أو المحمول ظاهرا في الفعلية أو في غيرها كما هو المطلوب بالنزاع في المقام كما هو ظاهر على المتأمّل.
والحقّ في المقام أنّ النزاع المذكور أيضا من الأبحاث اللفظية المتعلّقة بتعيين مدلول اللفظ (٢) الواقع موضوعا في القضية كما يظهر ممّا أورده شارح المطالع في بيان الخلاف الواقع بين الشيخ والفارابي ، وما اختاره الشيخ في تلك المسألة هو بعينه ما اختاره المحقّقون في المقام من توقّف الصدق على التلبّس الفعلي ـ وإن فرض ذلك قبل زمان التلبّس أو بعده ـ لكنّ الإطلاق باعتبار زمان التلبّس.
قال بعد ما بيّن المراد من الإمكان : « ثمّ إنّ الفارابي اقتصر على هذا الإمكان ،
__________________
(١) في النسختين : « وصف ».
(٢) في النسختين : « لفظ ».