وحيث وجده (١) الشيخ مخالفا للعرف ، زاد [ فيه ] قيد « الفعل » لا فعل الوجود في الأعيان بل ما يعمّ الفرض الذهني والوجود الخارجي ، فالذات الخالية عن العنوان يدخل في الموضوع إذا فرضه العقل موصوفا به بالفعل ، مثلا إذا قلنا : « كلّ أسود كذا » فيدخل في الأسود ما هو أسود في الخارج ، أو (٢) ما لم يكن أسود ، ويمكن أن يكون أسود إذا فرضه العقل أسود [ بالفعل ] » (٣). انتهى.
وهو بعينه هذا النزاع اللفظي ، وإلاّ فلا وجه لقوله : « وجده الشيخ مخالفا للعرف » فإنّ الاستدلال بالعرف دليل على ذلك ، ولا يراد بالفعلية تحقّق النسبة في أحد الأزمنة الثلاثة وإن لم يفرض معه التلبّس في زمان الحكم كما لا يخفى.
وحينئذ فقول الفارابي مخالف للعرف جدّا حيث إنّه اكتفى في الصدق بمجرّد الإمكان وهو بعيد جدّا ، ولم يحك في المسألة قولا لأحد من أصحاب النظر ، فلعلّ نظره إلى ما تقدّم من صحّة الحكم ولو في القضية المعقولة ، وقد عرفت على تقديره أنّ المتّجه ما أفاده ، ولا يحتاج إلى الفعلية إلاّ أنّه لا تنافي (٤) قول الشيخ بتوقّف الصحّة في القضية الملفوظة على الفعلية بالمعنى المتقدّم ، فمورد النفي والإثبات في كلامهما غير متّحد.
إذا تمهّد هذه الامور ، فنقول : الظاهر المستفاد من موارد استعمال المشتقّات بأسرها هو كونها موضوعات للمفاهيم التي تتّحد مع الذوات الصادقة عليها باعتبارات مختلفة ؛ من صدور الفعل منها ، ووقوعها عليها ، وكونها محلاّ لها ، وكونها آلة
__________________
(١) المثبت من المصدر وفي النسختين : « وجدوا ».
(٢) في المصدر : و.
(٣) لوامع الأنوار فى شرح مطالع الأنوار : ١٣٥ ( البحث الثاني ).
(٤) كذا.