ولكن علم الله قدرها وانتهاءها وكرورها ، فحدث عن تلك الحركة اليوم ، ولم يكن ثمّ ليل ولا نهار في هذا اليوم ، ثم استمرت حركات هذا الفلك ، فخلق الله ما شاء من الأملاك والأفلاك والدار الدنيا والدار الآخرة ، وخلق الجان من النار والطير والدواب البرية والبحرية والحشرات ، ولما استوت المملكة وتهيأت ما عرف أحد من هذه المخلوقات كلها من أي جنس يكون الخليفة الذي مهّد الله هذه المملكة لوجوده. واعلم أن هؤلاء الاثني عشر ملكا هم لأهل الجنة كالعناصر لأهل الدنيا ، جعل لكل نائب من هؤلاء الأملاك الاثني عشر في كل برج ملكه إياه ثلاثين خزانة ، تحتوي كل خزانة منها على علوم شتى ، يهبون منها لمن نزل بهم على قدر ما تعطيه رتبة هذا النازل ، وهذه الخزائن تسمى عند أهل التعاليم درجات الفلك ، والنازلون بها هم الجواري ، والمنازل وعيوقاتها من الثوابت ، والعلوم الحاصلة من هذه الخزائن الإلهية هي ما يظهر في عالم الأركان من التأثيرات ، بل ما يظهر من مقعر فلك الكواكب الثابتة إلى الأرض ، وسميت ثابتة لبطئها عن سرعة الجواري السبعة ، وجعل لهؤلاء الاثني عشر نظرا في الجنات وأهلها وما فيها مخلصا من غير حجاب ، فما يظهر في الجنان من حكم فهو عن تولي هؤلاء الاثني عشر بنفوسهم ، تشريفا لأهل الجنان ، وأما أهل الدنيا وأهل النار فما يباشرون ما لهم فيها من الحكم إلا بالنواب ، وهم النازلون عليهم ، فكل ما يظهر في الجنات من تكوين وأكل وشرب ونكاح وحركة وسكون وعلوم واستحالة ومأكول وشهوة ، فعلى أيدي هؤلاء النواب الاثني عشر من تلك الخزائن بإذن الله عزوجل الذي استخلفهم ، ولهذا كان بين ما يحصل عنهم بمباشرتهم وبين ما يحصل عنهم بغير مباشرتهم ـ بل بواسطة النازلين بهم الذين هم لهم في الدنيا والنار كالحجاب والنواب ـ بون عظيم وفرقان كبير ، فهؤلاء النواب الاثنا عشر هم الذين تولوا بناء الجنات كلها إلا جنة عدن ، فإن الله خلقها بيده ، وجعل بأيديهم غراس الجنات إلا شجرة طوبى ، فإن الحق تعالى غرسها بيده في جنة عدن ، وأما البروج فهي الفروض المؤقتة الاثنا عشر شهرا ، وبقطع الشمس الفروض تسمى الشهر ، وسمي قطع الفروض كلّها السنة الشمسية.
(وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (٢) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ) (٣)
الحق تعالى لا يصح أن يقسم بما ليس هو ، لأن المقسوم به هو الذي ينبغي له العظمة ،