نعم ، يعتبر في تنجّز التكليف بالزكاة العلم ببلوغ الخالص نصابا ، فلو شكّ فيه نفاه بالأصل ، ولم يجب عليه الفحص بتصفية ونحوها على المشهور ، كما نسب إليهم (١) ، بل في المسالك : لا قائل بوجوب التصفية مع الشكّ في النصاب (٢) ، كما في غيره من الشبهات الموضوعيّة الوجوبيّة أو التحريميّة.
ولكن قد يقال [به] (٣) في مثل هذه الموارد التي يحصل كثيرا ما من الرجوع إلى الأصول النافية للتكليف من غير فحص : الوقوع في مخالفة التكليف ، كتأخير الحجّ عن أوّل عام استطاعته عند ترك المحاسبة ، وتضييع حقّ السادة والفقراء عند ترك الفحص عن حصول الربح في تجارته ، أو بلوغ ماله حدّ النصاب.
ويدفعه : أنّ كون إجراء الأصول في مجاريها موجبا لحصول المخالفة كثيرا ، غير مؤثّر في إيجاب الاحتياط على من لا يعلم بتنجّز التكليف عليه في خصوص المورد الذي هو محلّ ابتلائه.
وأضعف من ذلك الاستدلال له بأنّه ليس المراد بمثل هذه التكاليف ـ أي : الزكاة والحجّ ونظائرهما ـ وجوبها لدى العلم بوجود شرائطها ، كي لا يجب الحج مثلا على من احتمل في نفسها الاستطاعة أو ظنّها ولم يعلم بذلك.
وفيه : أنّا لا ننكر وجوب الحجّ عليه في الواقع على تقدير كونه مستطيعا ، ولكن كونه كذلك لا يكفي في تنجّزه ، أي إلزام العقل بالخروج عن عهدته ما لم يعلم بتحقّقه ، لأنّ العلم بالتكليف شرط في
__________________
(١) جواهر الكلام ١٥ : ١٩٦.
(٢) مسالك الأفهام ١ : ٣٨٧.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.