له مال يتعيّش به ، أو ضيعة يستغلها إذا كان بحيث يعجز عن استنماء الكفاية ، إذ مقتضاه أنّ من كان كذلك كان فقيرا وإن كان بحيث لو أنفق رأس المال المملوك له ، لكفاه طول سنته.
ثمّ قال : والمعتمد أنّ من كان له مال يتّجر به أو ضيعة يستغلّها ، فإن كفاه الربح أو الغلّة له ولعياله ، لم يجز له أخذ الزكاة ، وإن لم يكفه ، جاز له ذلك ، ولا يكلّف الإنفاق من رأس المال ، ولا من ثمن الضيعة ، ومن لم يكن له ذلك ، اعتبر فيه قصور أمواله عن مئونة السنة له ولعياله (١). انتهى.
أقول : قد أشرنا آنفا إلى أنّ المراد بالمال الوافي بمئونته هو ـ المال الذي لا يتوقّف تعيّشه في العرف والعادة على حفظ هذا المال ، والتعيّش بنمائه ، وإلّا فهو بمنزلة الآلة لحرفته وصنعته التي هي ممرّ معيشته.
ويشهد لإرادتهم هذا المعنى تصريحهم بجواز تناول الزكاة لمن كان له مال يتعيّش بنمائه ، أو ضيعة يستغلّها إذا لم يكن نماؤها بقدر الكفاية.
وكيف كان ، فهذا هو المشهور على ما نسب (٢) إليهم.
ويدلّ عليه مضافا إلى عدم كفاية وجود مثل هذا المال المتوقّف عليه نظم معاشه ما لم يكن ربحه وافيا بمئونته في خروجه عن مسمّى الفقير عرفا ، جملة من الأخبار :
منها : صحيحة معاوية بن وهب ، قال : سألت أبا عبد الله ـ عليهالسلام ـ عن الرجل يكون له ثلاثمائة درهم أو أربعمائة درهم وله
__________________
(١) مدارك الأحكام ٥ : ١٩٣ ـ ١٩٤ ، وراجع : السرائر ١ : ٤٦٢ ، والمعتبر ٢ : ٥٦٦ ، والمبسوط ١ : ٢٥٦ ، والنهاية ١٨٧ ، والمختصر النافع : ٥٨ ، ومنتهى المطلب ١ : ٥١٨ ، وتحرير الأحكام ١ : ٦٨ ، وقواعد الأحكام ١ : ٥٧.
(٢) الناسب هو صاحب المدارك فيها ٥ : ١٩٦.