أقول : بل ولا ظاهرة فيه أيضا ، وإنّما هو مجرّد إشعار غير بالغ حدّ الدلالة ، وكذا رواية هارون بن حمزة المتقدّمة (١) ، كما تقدمت الإشارة إليه ، فلا تنهضان شاهدا لارتكاب التقييد أو التخصيص في أخبار الإغناء ، مع ما فيها من قوّة الدلالة على العموم بملاحظة ما فيها من ترك الاستفصال ، بل الظاهر كون خبر أبي بصير واردا في ذي الكسب القاصر ، فإنّ قوله : إنّما ربحت درهما ، مشعر بكونه من أهل الكسب.
وكيف كان ، فالأظهر ما هو المشهور من عدم لزوم الاقتصار على التتمّة ، ولكن الاحتياط ممّا لا ينبغي تركه ، كما أنّ الأحوط ـ إن لم يكن أقوى ـ ترك الإفراط في الإغناء بأن يعطى لواحد مالا خطيرا زائدا عمّا يحتاج إليه عادة في تعيّشه ، فإنّه خارج عن منصرف النصوص والفتاوى ، بل مناف لحكمة شرع الزكاة ، والله العالم.
(ومن) فروع (هذا الباب) أنّه قد (تحلّ) الزكاة (لصاحب الثلاثمائة) بل السبعمائة بل الثمانمائة ، بل الأزيد من ذلك إذا كان أصلها أو ربحها لا يقوم بمئونته.
(وتحرم على صاحب الخمسين) فما دون إذا كان قادرا على الاكتساب بها بمقدار كفايته (اعتبارا بعجز الأوّل عن تحصيل الكفاية وتمكّن الثاني) كما وقع التصريح بذلك في أخبار الباب ، كموثّقة سماعة (٢) وغيرها (٣) من الروايات المتقدمة.
(ويعطى الفقير) من الزكاة (ولو كان له دار يسكنها أو خادم
__________________
(١) تقدمت في ص ٤٩٢.
(٢) تقدمت في ص ٤٩٧.
(٣) كرواية محمد بن مسلم ، التي تقدمت في ص ٤٩٧.