ثمّ لو سلم ظهور هذه الموثّق في كفاية القدرة على إثبات اليد ، وعدم اعتبار كونه بالفعل تحت يده ، فنقول : إنّ رفع اليد عن هذا الظاهر بحمله على الدين أو الوديعة وشبههما أهون من رفع اليد عن ظواهر تلك الأخبار ، خصوصا خبر ابن سنان المشتمل على التعليل : بأنّه لم يصل إلى سيّده (١) ، حيث إنّ الغالب في مورده : كون سيّده قادرا على الأخذ منه ، فليتأمّل.
الثالث : مقتضى صريح عبارة المصنّف في المتن ، وظاهر غيره في فتاواهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة اعتبار التمكّن من التصرّف في الأجناس كلها.
ولكن في المدارك قال ـ في شرح عبارة المصنّف الآتية : (فلا زكاة في المغصوب) ـ ما لفظه : إطلاق العبارة يقتضي عدم الفرق في المغصوب بين كونه ممّا يعتبر فيه الحول كالأنعام ، أو لا يعتبر فيه ذلك كالغلّات ، وبهذا التعميم حكم الشارح ـ قدسسره ـ فقال : إنّ الغصب إذا استوعب مدة شرط الوجوب ، وهو نموّه في الملك بأن لم يرجع إلى مالكه حتى بدا الصلاح ، لم يجب.
وهو مشكل جدّا ، لعدم وضوح مأخذه ، إذ غاية ما يستفاد من الروايات المتقدمة أنّ المغصوب إذا كان ممّا يعتبر فيه الحول وعاد إلى ملكه ، يكون كالمملوك ابتداء ، فيجري في الحول من حين عوده ، ولا دلالة لها على حكم ما لا يعتبر فيه الحول بوجه.
ولو قيل بوجوب الزكاة في الغلّات متى تمكّن المالك من التصرّف في النصاب لم يكن بعيدا (٢). انتهى.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥٤٢ / ٥ ، الفقيه ٢ : ١٩ / ٦٣ ، الوسائل الباب ٤ من أبواب من تجب عليه الزكاة ، الحديث ٤.
(٢) مدارك الأحكام ٥ : ٣٤ ، وانظر : مسالك الأفهام ١ : ٣٦١.