ولكن يحتمل قويّا أن يكون المراد بالغني في المتن وغيره ما يقابل الفقير الذي هو أحد الأصناف ، أي كونه مالكا لقوت سنته ، فلا ينافيه اعتبار الحاجة إلى نفقة الحجّ والجهاد في جواز الصرف من الزكاة ، كما ربّما يومئ إليه تقديره بقدر كفايته على حسب حاله ، فإنّ هذا إنّما يناسب اعتبار احتياجه إلى ما يصرف إليه ، وإلّا لكان الأولى مراعاة حاله من حيث القوّة والشوكة ، وكونه فارسا أو راجلا أو غير ذلك ممّا له دخل في أمر الجهاد ، فالإنصاف أنّ الالتزام بجواز صرفه إلى ما كان معونة لغني وإن كان أوفق بما يقتضيه إطلاق سبيل الله ، ولكنّه في غاية الإشكال.
ولكن لا يخفى عليك أنّ صرف الزكاة في معونة الزوّار والحجيج والغزاة يتصور على أنحاء :
أحدها : أن يكون ما يصرفه إليهم بمنزلة الأجرة على عملهم ، كما لو لم يكن لمن يباشر العمل بنفسه داع إلى فعل الحجّ أو الجهاد ونحوه ، ولكن رأى المتولّي للصرف المصلحة في إيجاد هذه الأفعال من باب تشييد الدين أو تعظيم الشعائر أو غير ذلك من المصالح ، فبعثهم على الفعل بجعل الأجرة لهم أو بذل النفقة عليهم من الصدقات على أن يعملوا هذا العمل.
الثاني : أن يصرفه في من يريد بنفسه الحجّ والجهاد ، فيعينه ببذل الزاد والراحلة والسلاح ونحوها.
الثالث : ما يصرفه في التسبيلات العامّة من مثل المضايف والسقايات الواقعة في الطرق التي يأكل ويشرب منها عامّة المستطرقين.
أمّا القسم الأوّل والثالث : فلا ينبغي الاستشكال في عدم اشتراط الفقر والحاجة في من يتناوله ، فإنّ مصرف الزكاة في هذين القسمين في