موضوع الفقير ، فيشكل الالتزام بعدم جواز تناوله للزكاة مع احتياجه إليها بالفعل واندراجه في زمرة الفقراء عرفا ولغة ، لإباء أدلّة شرع الزكاة للفقراء عن الصرف عن مثله.
اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ هذا إنّما هو بالنظر إلى حال احتياجه وعدم قدرته على أن يكفّ نفسه عنها ، ولا كلام في جواز تناوله منها.
وإنّما الكلام في إباحتها له حال قدرته على تحصيل مقدار حاجته بكسبه ، وهو في هذا الحال بحكم الغني في العرف ، ولا يعدّ فقيرا.
ولكن جعل شيخنا المرتضى محلّ الإشكال حال عجزه عن الاكتساب ، فقال ما لفظه : ولو ترك المحترف الحرفة ، فاحتاج في زمان لا يقدر عليها ، كما لو ترك العمل نهارا ، فاحتاج ليلا ، وكما لو ترك البناء عمل البناء في الصيف ، فاحتاج في الشتاء مع عدم حصول ذلك العمل له فيه إشكال من صدق الفقير عليه ، وأنّه لا يقدر في الحال على ما يكفّ به نفسه عن الزكاة ، فتعمّه أدلّة جواز الأخذ. ومن صدق المحترف وذي المرّة السويّ عليه ، فتشمله أدلّة المنع ، وهو الأقوى ، لعدم معلوميّة صدق الفقير عليه ، وإلّا لصدق على المحبوس الغنيّ ، ولم يجعل ابن السبيل قسيما للفقير في الكتاب والسنّة. نعم لا بأس بالصرف إليه من سهم سبيل الله.
لكنّ الإنصاف أنّه لو لم ينعقد الإجماع على الخلاف قوي القول بجواز الدفع إلى كلّ محتاج في آن حاجته وإن كان عرض له في زمان يسير ولو بسوء اختياره (١). انتهى.
أقول : قد ظهر لك ـ في ما مرّ ـ أنّه لا عبرة بصدق المحترف وذي المرّة
__________________
(١) كتاب الزكاة للشيخ الأنصاري : ٤٩٦.