علم بأنّه لا يقوّم فيمن يريد بأكثر من هذه القيمة ، كما أنه يستفاد منها أنّ المقصود بأخذ الزكاة صرف ثمنا في مصارفها ، وعدم تعلّق الغرض بصرف عينها في تلك المصارف.
ومن هنا صحّ للعلّامة وغيره الاستدلال له بأنّ المقصود بالزكاة رفع الخلّة (١) وسدّ الحاجة ، وهو يحصل بالقيمة ، كما يحصل بالعين ، وبأنّ الزكاة إنّما شرّعت جبرا للفقراء ومعونة لهم ، وربّما كانت القيمة أنفع في بعض الأوقات ، فاقتضت الحكمة التسويغ (٢) ، إلى غير ذلك من الشواهد والمؤيّدات التي لا تخفى على المتتبّع المتأمّل.
وحكي عن المفيد في المقنعة أنّه قال : لا يجوز إخراج القيمة في زكاة الأنعام إلّا أن تعدم الأسنان المخصوصة في الزكاة (٣)).
وعن المصنّف في المعتبر : الميل إليه (٤).
ووافقهما في الميل ، أو القول بالمنع عن إخراج القيمة في زكاة الأنعام مع وجود الأسنان المخصوصة ، غير واحد من المتأخّرين ، كصاحبي المدارك والحدائق ، وغيرهما (٥) ، لتطرّق الخدشة إلى جميع ما ذكر ، شاهدا أو مؤيّدا للمشهور ، إمّا بقصور السند ، أو ضعف الدلالة ، ورجوع جملة منها إلى الاستحسان والاعتبارات العقليّة الظنية التي لا اعتداد بها في الأحكام التعبّدية الشرعية.
__________________
(١) الخلّة : الحاجة والفقر. الصحاح ٤ : ١٦٨٧.
(٢) انظر : مدارك الأحكام ٥ : ٩١ ، تذكرة الفقهاء ٥ : ١٩٧ ، وجواهر الكلام ١٥ : ١٢٧.
(٣) حكاه عنه صاحب المدارك فيها ٥ : ٩٠ ، وانظر : المقنعة : ٢٥٣.
(٤) حكاه عنه صاحب المدارك فيها ٥ : ٩٠ ، وانظر : المعتبر ٢ : ٥١٧.
(٥) كما في الجواهر ١٥ : ١٢٩ ، وانظر : مدارك الأحكام ٥ : ٩١ ، والحدائق الناضرة ١٢ : ٧٢ ، والذخيرة : ٤٤٧.