ومن هنا يعلم أنّه لو زاد بعد الجفاف عن مقدار الفريضة ، جاز للمالك المطالبة بزيادته ، إذ لا يجب عليه دفع أزيد ممّا وجب عليه ، كما هو واضح.
وقد ظهر أيضا أنّه لو أراد إخراج الزكاة من غير النصاب ، ليس له الاجتزاء بما هو أدون من حقّه ، بأن أخرج مقدار العشر من تمر آخر أردأ.
نعم لو كان النصاب بنفسه رديئا ، جاز إخراج العشر منه ، أو من تمر آخر مثله في الرداءة.
ولو كان مجتمعا من أجناس مختلفة ، لم يجب إخراج زكاة المجموع من أجودها.
وهل يجوز الإخراج من الأردإ ، أم يجب الإخراج من كلّ جنس بحسبه ، أو من الوسط؟ وجوه ، أوجهها : الثاني إن قلنا بالشركة الحقيقيّة ، كما اختاره في التذكرة ، ونسبه إلى عامّة أهل العلم ، فقال ما لفظه : ولو تعدّدت الأنواع أخذ من كلّ نوع بحصّته ، لينتفي الضرر عن المالك بأخذ الجيّد ، وعن الفقراء بأخذ الرديء ، وهو قول عامّة أهل العلم.
وقال مالك والشافعي : إذا تعدّدت الأنواع أخذ من الوسط ، والأولى أخذ عشر كل واحد ، لأنّ الفقراء بمنزلة الشركاء (١). انتهى.
أقول : هذا إذا قلنا بالشركة الحقيقيّة على سبيل الإشاعة ، كما لعلّه المنسبق إلى الذهن من قوله ـ عليهالسلام ـ : «فيما سقته السماء العشر».
__________________
(١) تذكرة الفقهاء ٥ : ١٦١ ، المسألة ٩٥ ، وانظر : المغني لابن قدامة ٢ : ٥٧١ ، والشرح الكبير ٢ : ٥٧٤ ، وحلية العلماء ٣ : ٨١ ، وبداية المجتهد ١ : ٢٧٤ ، والمنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ١٥٨.