فالفرق بين النصابين عنده بدلية الخمس شياه في الأوّل دون الثاني ، فكأنّ مستنده في هذا التفصيل كون الخمس والعشرين بالخصوص موردا لتعارض حسنة الفضلاء الآتية (١) ـ التي هي مستند ابن أبي عقيل ـ وسائر الروايات الموافقة للمشهور ، الدالّة على أنّ فيها خمس شياه ، فرأى الجمع بينهما بهذا الوجه الغير الخالي من النظر.
وربما نقل الخلاف أيضا في بعض ما ذكر عن بعض.
فعن الصدوق في هدايته أنّه قال : إذا بلغت إحدى وستّين ففيها جذعة إلى ثمانين ، فإذا زادت واحدة ففيها ثني إلى تسعين (٢) ، وهو المنقول عن رسالة أبيه (٣) ، والفقه الرضوي (٤) أيضا.
وعن السيّد في الانتصار ، أنه ذهب إلى أنّه لا يتغيّر الفرض من إحدى وتسعين إلّا ببلوغ مائة وثلاثين ، بل قد يلوح من كلامه اتّفاق الإماميّة عليه ، مع أنّه حكي عنه في الناصريّة ، كالشيخ في الخلاف والحلّي في السرائر وغيرهم : دعوى الإجماع على خلافه (٥).
وكيف كان ، فهو ضعيف محجوج بما ستعرف.
ويدلّ على المشهور أخبار معتبرة مستفيضة ، منها :صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ قال :«في خمس قلائص (٦) شاة ، وليس فيما دون الخمس شيء ، وفي عشر
__________________
(١) تأتي في صفحة ١٢٤.
(٢) المختلف ٣ : ٤٨ ، المسألة ١٥ ، وانظر : الهداية (ضمن الجوامع الفقهية) : ٥٤.
(٣) المختلف ٣ : ٤٨ ، المسألة ١٥ ، وانظر : الهداية (ضمن الجوامع الفقهية) : ٥٤.
(٤) نقله صاحب الحدائق فيها ١٢ : ٤٨ ، وانظر ، الفقه المنسوب للإمام الرضا ـ عليهالسلام ـ :١٩٧.
(٥) كما في الجواهر ١٥ : ٧٩ وانظر : الانتصار : ٨١ ، والمسائل الناصرية (ضمن الجوامع الفقهية) :٢٤١ ، والخلاف ٢ : ٧ ، المسألة ٣ ، والسرائر ١ : ٤٤٩.
(٦) القلوص من النوق : الشابة. وجمع القلوص : قلص وقلائص. الصحاح ٣ : ١٠٥٤.