وثانيهما : أنه استيثاق ، فيحتمل أنه كالرهن ، ويحتمل أنّه كتعلّق أرش الجناية بالعبد ، وتضعف الشركة بالإجماع على جواز أدائها من مال آخر ، وهو مرجّح للتعلّق بالذمّة ، وعورض بالإجماع على تتبّع الساعي العين لو باعها المكلّف ، ولو تمحّض التعلّق بالذمّة امتنع (١). انتهى.
وفي المدارك بعد نقل هذه العبارة عن البيان ، قال : أقول : إنّ مقتضى الأدلّة الدالّة على وجوب الزكاة في العين كون التعلّق على طريق الاستحقاق ، وهو الظاهر من كلام الأصحاب ، حيث أطلقوا وجوبها في العين (٢).
أقول : ما استظهره من إطلاق حكم الأصحاب بوجوبها في العين من كون التعلّق بطريق الاستحقاق ، أي الملكية المستلزمة للشركة ، لا يخلو من نظر ، فإنّ معنى وجوبها في العين ليس إلّا كون العين هي متعلّق التكليف بالزكاة ، أي مورد حكم الشارع بصرف شيء منها إلى الفقير ممّا سمّاه الله زكاة ، وهذا لا يقتضي أن يكون ما وجب صرفه إلى الفقير قبل صرفه إليه ملكا له ، لجواز أن يصير ملكا له بدفعه إليه الذي هو فعل اختياري يتعلّق به التكليف أوّلا وبالذات ، ثمّ بمتعلّقه ، كما لو أمره بأن يهبه أو يبيعه شيئا من ماله المعين.
ومن هنا يظهر الخدشة فيما ذكره من أنّ مقتضى الأدلّة الدالّة على وجوب الزكاة في العين كون التعلّق بطريق الاستحقاق ، فإنّ الأصل في ذلك هي آية الصدقة (٣) ، ومفاد هذه الآية بشهادة الروايات الواردة في
__________________
(١) حكاه صاحب المدارك فيها ٥ : ٩٨ ، وانظر : البيان : ١٨٧.
(٢) مدارك الأحكام ٥ : ٩٨.
(٣) التوبة ٩ : ١٠٣.