ولكن مع ذلك ، الالتزام بهذا التقييد لا يخلو من إشكال ، بعد أن جعل في سبيل الله في الكتاب العزيز بنفسه مصرفا مستقلا للصدقات في مقابل الفقراء والمساكين.
وأمّا قوله ـ صلىاللهعليهوآله ـ : «لا تحلّ الصدقة لغني» فالمنساق منه نفي حلّيتها له على حسب حلّيتها للفقير بأن يتناولها ويصرفها في مقاصده كيف يشاء ، فلا ينافيه جواز دفعها إلى الغني ليصرفها إلى جهة معيّنة من وجوه البرّ ، فليتأمّل.
وأمّا الرواية الواردة في تفسيره ، فمع الغضّ عن سندها ، يمكن الخدشة في دلالتها بأن الظاهر أنّ مئونة الجهاد والحجّ المذكورتين من باب التمثيل بالفرد الواضح ، وإلّا فقد وقع في ذيل الرواية عطف جميع سبل الخير عليهما من غير تقييده بشيء ، مع أنّ اعتبار العجز في المجاهد ممّا لم ينقل الالتزام به عن أحد.
(و) قد صرّح المصنّف ـ رحمهالله ـ وغيره ، بل ادعى غير واحد الاتّفاق على أنّ (الغازي) يعطى من هذا السهم (وإن كان غنيّا قدر كفايته على حسب حاله) أي شرفا وضعة وقرب المسافة وبعدها ، وغير ذلك ، بل في المدارك : هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب (١).
وربّما علّلوه مضافا إلى عموم الآية (٢) ، بالنبويّ : «لا تحل الصدقة لغني إلّا لثلاثة ـ وعدّ منها ـ الغازي» (٣).
__________________
(١) مدارك الأحكام ٥ : ٢٣٢.
(٢) التوبة ٩ : ٦٠.
(٣) أورده المحقّق في المعتبر ٢ : ٥٧٨.