فيه ، لكون الكتاب ناطقا به ، ولكن يقع الكلام فيه في مواضع :
الأوّل : لا خلاف على الظاهر في اشتراط عجز الغارم عن أداء دينه ، فلو كان متمكّنا من ذلك عرفا ، بأن كان عنده ما يفي بديونه ومئونته ، لم يقض عنه ، لمنافاته لأدلّة شرع الزكاة ، وكونها موضوعة لسدّ خلّة المحتاجين ، لا لصلة الأغنياء.
ويشهد له أيضا قوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «لا تحلّ الصدقة لغنيّ» (١).
مضافا إلى الإجماعات المستفيضة على اشتراط العجز في الغارم ، ولكن عبائرهم المسوقة لبيان هذا الشرط في فتاويهم ومعاقد إجماعاتهم المحكيّة مختلفة.
فعن جماعة منهم التصريح باعتبار العجز عن أداء الدين (٢). وعن آخرين منهم اعتبار الفقر (٣). وبين هذين العنوانين عموم من وجه ، إذ الفقير في عرفهم من لا يملك مئونة سنته فعلا أو قوّة ، فربّ شخص له كسب أو ضيعة أو مال واف بمئونته ولكن عليه ديون أو أروش جنايات يعجز عن أدائها ، ولا يطلق على مثل هذا الشخص في العرف ولا في اصطلاحهم اسم الفقير ، خصوصا إذا كان ما عليه من الديون من قبيل
__________________
(١) سنن أبي داود ٢ : ١١٨ / ١٦٣٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٩ / ١٨٣٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٤٢ / ٦٥٢ ، سنن النسائي ٥ : ٩٩ ، المستدرك للحاكم ١ : ٤٠٧ ، مسند أحمد ٢ : ١٦٤ و ١٩٢ و ٣٨٩ و ٥ : ٣٧٥.
(٢) كما في كتاب الزكاة للشيخ الأنصاري : ٥٠٢ ، وراجع : الدروس ١ : ٢٤١ ، والروضة البهيّة ٢ : ٤٧.
(٣) كما في كتاب الزكاة للشيخ الأنصاري : ٥٠٢ ، وراجع : المبسوط للطوسي ١ : ٢٥١ ، وتذكرة الفقهاء ٥ : ٢٥٨ ، المسألة ١٧٣.