والمكاسب الشديدة؟ فلا دخل له بمسألة أنّه هل يجوز له قبل صرف هذا المال في نفقته أو بعده أداء دينه من سهم الغارمين؟ كما لا يخفى على المتأمّل.
الثاني : إذا لم يملك المديون شيئا إلّا أنّه رجل كسوب يتمكّن من قضاء دينه من كسبه ، فعن نهاية الاحكام : احتمال الإعطاء ، بخلاف الفقير والمسكين ، لأنّ حاجتهما تتحقّق يوما فيوما ، والكسوب يحصل في كلّ يوم ما يكفيه في ذلك اليوم ، وحاجة الغارم حاصلة في الحال ، لثبوت الدين في ذمّته ، وإنّما يقدر على ما يقتضي به الدين على التدريج.
واحتمال المنع تنزيلا للقدرة على التكسب منزلة القدرة على المال (١).
أقول : احتمال المنع أقوى ، فإنّ حال الكسوب الوافي كسبه بمئونته ودينه على التدريج لدى العرف ليس إلّا كحال الملي الغير المتمكّن من وفاء ديونه إلّا على سبيل التدريج ، ولا يرى العرف مثل هذه الأشخاص مندرجا في موضوع الغارمين الذين وضع لهم الزكاة ، فإنّ العرف لا يرى مثل هذه الأشخاص محتاجا إلى تناول الصدقات لأداء ديونهم وإن رآهم عاجزين بالفعل عن أدائه ، فإنّ العجز عن تعجيل الأداء غير العجز عن أصله ، والمنساق من آية الصدقة ـ فضلا عن غيرها من الأدلّة ـ إنّما هو جواز صرفها في أداء دين الغارمين الذين ليس لهم بالفعل أو بالقوّة مال يفي بغرمهم ، فالمحترف المتمكّن من أداء دينه بحرفته كالمليّ المتمكّن من أدائه تدريجا خارج عن منصرفه جزما.
اللهمّ إلّا أن يكون دينه كثيرا يحتاج أداؤه من كسبه إلى مدة طويلة بحيث يعدّ القدرة على الأداء معها لدى العرف بمنزلة العدم في كونه لديهم
__________________
(١) حكاه صاحب الجواهر فيها ١٥ : ٣٥٧ ، وراجع : نهاية الاحكام ٢ : ٣٩١.