والمراد بكون السفر في طاعة الله على الظاهر ما يقابل سفر المعصية ، فيعمّ المباح أيضا ، نظير ما ورد في تفسير الغارمين من أن يكون دينهم في طاعة الله (١).
فما في الحدائق من الاستشكال في السفر المباح ، نظرا إلى ظهور الرواية في كونه طاعة ، مع اعترافه بمخالفته للمشهور ، بل عدم وجدانه القائل به عدا ما نقل عن ابن الجنيد من أنّه قيّد الدفع بالمسافرين في طاعة الله (٢) ، لعلّه في غير محله ، بل قد يغلب على الظنّ أنّ ابن الجنيد أيضا لم يقصد بهذا التقييد إلّا الاحتراز عن سفر المعصية.
وكيف كان ، فلا ينبغي الارتياب في عدم اعتبار هذا الشرط في مفهوم ابن السبيل ولا في حكمه ، أي : جواز صرف الصدقة فيه ، لمنافاته لما تقتضيه أدلة شرع الزكاة من كونها موضوعة لسدّ خلّة الفقراء ورفع حاجة المحتاجين ، بل لولا أنّه جعل ابن السبيل في الآية قسيما للفقراء ، لكنّا نلتزم باندراج المنقطعين في سفرهم في الفقراء وإن انصراف عنهم إطلاق اسم الفقير ، ضرورة أنّ مناط استحقاق الصدقات ـ على ما يستفاد من أدلّتها ـ هو الفقر والاحتياج ، لا كونه مندرجا في مسمّى اسم الفقير عرفا.
هذا ، مع أنّه لم يتحقّق الخلاف فيه من أحد ، فلا ينبغي الاستشكال فيه.
ثمّ إنّه قد نقل عن ابن الجنيد والشهيد في الدروس واللمعة القول :باندراج مريد السفر الذي ليس له نفقة السفر في ابن السبيل (٣).
__________________
(١) المصادر في الهامش (١) من ص ٥٨١.
(٢) الحدائق الناضرة ١٢ : ٢٠٣ ، وانظر لقول ابن الجنيد : مختلف الشيعة ٣ : ٨١ ، المسألة ٥٤.
(٣) كما في جواهر الكلام ١٥ : ٣٧٣ ، وراجع : الدروس ١ : ٢٤٢ ، وأمّا قوله في اللمعة فلم نجده فيه. نعم ، القول المزبور موجود في الروضة البهية ٢ : ٥٠.