فالقول بعدم الجواز ـ كما نسب إلى المشهور (١) ـ هو الأقوى.
وما في الجواهر من دعوى السيرة على دفعها على مثل هذه الأشخاص (٢) ، محلّ نظر ، بل منع ، والله العالم.
تنبيه صرّح غير واحد بأنّه يجوز للقادر على الاكتساب ترك الكسب والأخذ من الزكاة للاشتغال بأمر واجب ولو كفاية كالتفقّه في الدين.
قال شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ـ : ويحتمل تعين الواجب الكفائي على من لا يحتاج إلى الكسب ، لأنّ المحتاج إليه مشغول الذمّة بواجب عيني.
ثمّ أشار إلى ما ذهب إليه جملة منهم من جوازه ، للاشتغال بطلب العلم المستحبّ ، للأمر به المستلزم لطلب ترك الاكتساب المستلزم لجواز.
أخذ الزكاة.
وردّه : بأنه بعد عمومات تحريم الزكاة على القادر على التكسّب يصير التكسّب واجبا لأجل حفظ نفسه وعياله ، فلا يزاحمه استحباب ذلك ، لأنّ المستحبّ لا يزاحم الواجب إجماعا.
ثمّ قال : ودعوى أنّ تسليم حرمة الأخذ المستلزم لوجوب التكسّب مبنيّ على تقديم أدلّتها على أدلّة ذلك المستحبّ ، لم لا يجوز العكس؟مدفوعة إجمالا بأنّ المقرر في محلّه أنّ استحباب المستحبّ لعموم دليله لا يزاحم عموم وجوب الواجبات (٣). انتهى.
أقول : لا يخفى عليك أنّ حفظ النفس لا يتوقّف على خصوص
__________________
(١) الناسب هو : العاملي في مدارك الأحكام ٥ : ١٩٦.
(٢) جواهر الكلام ١٥ : ٣١٤.
(٣) كتاب الزكاة للشيخ الأنصاري : ٤٩٧.