فالظاهر كونه كناية عن الغني ، أي : عنده أربعون درهما غير محتاج إليها وقد حال عليها الحول ، كقوله ـ عليهالسلام ـ في ذيل خبر أبي بصير : «لا تحلّ الزكاة لمن كان محترفا وعنده ما تجب فيه الزكاة أن يأخذ الزكاة» (١).
وكيف كان ، فلا مجال للارتياب في عدم كون مالكيّة مقدار النصاب موجبا لخروج مالكه عن مصداق الفقير على الإطلاق ، ولا لاندراجه في مسمّى الغني كذلك ، كما يدلّ عليه مضافا إلى شهادة العرف به ، النصوص المعتبرة ـ التي تقدم بعضها ـ المصرّحة باستحقاق صاحب السبعمائة أو الثلاثمائة للزكاة عند قصور ما ملكه عن مئونة سنته ، فالقول المزبور ـ مع شذوذه ـ في غاية الضعف ، والله العالم.
تنبيه قد ناقش جملة من متأخّري المتأخّرين ـ كصاحبي المدارك والحدائق ـ في ما ذكره المشهور في تحديد الفقر المسوّغ لتناول الزكاة ، من أن الفقير من قصر ماله عن مئونة سنته.
ففي المدارك ، بعد أن نقل عن ابن إدريس أنّه عرّف الغني بمن ملك من الأموال ما يكون قدر الكفاية لمئونة سنته ، قال : وإلى هذا القول ذهب المصنّف ـ رحمهالله ـ وعامّة المتأخّرين ، وحكاه في المعتبر عن الشيخ في باب قسم الصدقات.
لكن لا يخفى أنّ هذا الإطلاق مناف لما صرّح به الأصحاب كالشيخ والمصنّف في النافع ، والعلّامة ، وغيرهم من جواز تناول الزكاة لمن كان
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥٦٠ / ١ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب المستحقّين للزكاة ، الحديث ١.