البهبهاني في شرحه عدم الإجزاء ، حملا للرواية على ما هو المتعارف والغالب في ذلك الزمان (١).
أقول : لا ينبغي الارتياب في عدم إرادة مثل هذا الفرض من إطلاق الدليل ، لأنّ الزكاة شرّعت صلة للفقير ، لا إضرارا به ، فكيف يجوز أن يستحقّ المالك بدفع الزكاة إلى الفقير ما يساوي قيمة المدفوع ، أو يزيد عليها بأن يدفع بنت لبون قيمتها خمسة عشر درهما ، ويستحقّ العشرين من مال الفقير تداركا للتفاوت الذي يستحقّه المالك بدفع الأعلى.
فهذه قرينة عقليّة صارفة للإطلاق عن مثله جزما ، بل قد يشكل شمول النصّ لما إذا كانت الأدنى أو الأعلى مساوية في القيمة للفريضة ، فإنّ إطلاق النصوص جار مجرى العرف والعادة ، دون مثل هذه الفروض الاتّفاقية الغير المناسبة للإطلاق ، فالأظهر قصور النصّ والفتوى عن شمول مثل هذا الفرض أيضا ، فيرجع في أخذ البدل إلى القيمة السوقية ، كما في الفرض الآتي.
(ولو تفاوتت الأسنان بأزيد من درجة واحدة) بأن كان ما عنده من الإبل فوق الفريضة ، أو دونها بدرجتين فصاعدا (لم يتضاعف التقدير الشرعي ، ورجع في التقاصّ إلى القيمة السوقية على الأظهر) الأشهر ، بل المشهور ، على ما في الجواهر (٢) ، وغيره (٣) ، بل في المدارك قال : وبذلك قطع المصنّف ـ رحمهالله ـ في المعتبر من غير نقل خلاف في ذلك لأحد من الأصحاب ، اقتصارا في الحكم المخالف
__________________
(١) جواهر الكلام ١٥ : ١١٩ ـ ١٢٠ ، وانظر : تذكرة الفقهاء ٥ : ٧٠ ، وجامع المقاصد ٣ : ١٨ ، والمسالك ١ : ٣٧٥ ، ومدارك الأحكام ٥ : ٨٤.
(٢) جواهر الكلام ١٥ : ١٢٠.
(٣) الحدائق الناضرة ١٢ : ٥٤.