ولا فرق على الظاهر بين كون الدين مصروفا في المعصية بأن صرفه في الملاهي وشرب الخمور مثلا ، كما هو المنساق من الروايات المزبورة ، وبين كونه حاصلا بنفس المعصية ، كأكل أموال الناس ظلما وعدوانا ، الموجب لاستقرار مثله أو قيمته في ذمّته لهم ، أو إثبات جنايات عمديّة موجبة لثبوت ديتها عليهم ، فإنّ هذا القسم من الدين أولى بعدم جواز صرف الزكاة فيه من القسم الأوّل.
ويدل عليه أيضا مضافا إلى ذلك ، ما عن ابن إدريس في مستطرفات السرائر نقلا من كتاب محمّد بن علي بن محبوب ـ في الصحيح ـ عن عبد الرحمن بن الحجاج أنّ محمّد بن خالد قال : سألت أبا عبد الله ـ عليهالسلام ـ عن الصدقات ، قال : «اقسمها في من قال الله عزوجل ، ولا تعطينّ من سهم الغارمين الذين ينادون بنداء الجاهليّة شيئا» قلت : وما نداء الجاهليّة؟ قال : «هو الرجل يقول : يا بني فلان ، فيقع بينهم القتل والدماء ، فلا يؤدّوا ذلك من سهم الغارمين ، ولا الذين يغرمون من مهور النساء» ولا أعلمه إلّا قال : «ولا الذين لا يبالون ما صنعوا في أموال الناس» (١).
وفي المدارك بعد أن نسب إلى الأصحاب أنّهم اشتراطوا في جواز الدفع إلى الغارم أن لا تكون استدانته في معصية ، ونقل استدلالهم عليه :بأنّ في قضاء دين المعصية حملا للغريم على المعصية.
وبما روي عن الرضا عليهالسلام ، أنّه قال : يقضي ما عليه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في طاعة الله عزوجل ، وإذا كان أنفقه في معصية
__________________
(١) السرائر ٣ : ٦٠٧ ، الوسائل ، الباب ٤٨ من أبواب المستحقّين للزكاة ، الحديث ١.