مقتضاه الحكم بسببيّة بلوغ النصاب لوجوب إخراج عشرة مطلقا ، وحيث علم أنّه لا تجب الزكاة فيما قابل المئونة ، اقتضى إبقاء ذلك الحكم على ظاهره : تقييد بلوغ النصاب بكونه بعد إخراج مثل البذر واجرة الحرث وغيرهما من المؤن السابقة على الوجوب ، وأمّا المؤن اللاحقة ـ كالحصاد ونحوه ـ فليس إخراجه من الوسط منافيا لاعتبار النصاب قبله ، بل هو من مقتضيات قاعدة الشركة التي اقتضاها إطلاق قوله : «ما بلغ خمسة أوسق ففيه العشر» كما لا يخفى على المتأمّل.
وفيه : ما عرفته فيما سبق من ضعف القول بالشركة الحقيقة ، وعدم الالتزام بشيء من لوازمها ، فلا يصحّ الالتزام بأنّ الحقّ الثابت للفقير في هذا المال عند تعلّق الوجوب ، هو ثلاثون صاعا ، ولكنّه صرف في حفظه وإصلاحه كذا ، فلا يجب إلّا دفع ما بقي منه بعد مئونته إلى الفقير.
فالحقّ ما هو المشهور من عدم الفرق بين المؤن السابقة واللاحقة في اعتبار النصاب [بعدها] (١) كما ربما يؤيّده ، بل يشهد له أخبار الخرص ، بالتقريب الذي تقدّمت الإشارة إليه.
ثمّ إنّ المراد بالمئونة هو معناها العرفي ، وهو ما يغرمه المالك في نفقة هذه الثمرة من مثل البذر واجرة الأرض والحرث وشبهها.
قال في المسالك : والمراد بالمئونة ما يغرمه المالك على الغلّة ممّا يتكرّر كل سنة عادة وإن كان قبل عامه ، كأجرة الفلاحة والحرث والسقي ، وأجرة الأرض وإن كانت غصبا ولم ينو إعطاء مالكها أجرتها ، ومئونة الأجير ، وما نقص بسببه من الآلات والعوامل ، حتّى ثياب المالك
__________________
(١) على الظاهر.