الحقّ به أي بعد صيرورته تمرا ، ففيه : بعد الغضّ عن منافاته لما علم من طريقة الشارع من رعاية حال المالك ، والإرفاق به ، وقبول قوله في دعوى التلف ونحوه ، خصوصا بالنسبة إلى ما قبل تعلّق الحقّ بماله ، أنّ غاية ما يمكن معرفته بالخرص هو مقدار ما يبلغ ثمرة النخل الموجودة بالفعل على تقدير بقائها سليمة عن الآفات تمرا عند جفافها ، وأمّا أنّ ثمرتها تبقى ولا يأكلها صاحبها ، أو يبيعها ، أو ينفقها على غيره حال كونها بسرا أو رطبا ، فهو شيء لا يمكن معرفته بالتخمين ، فإنه يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأمكنة اختلافا فاحشا غير قابل للانضباط : كي يمكن الإحاطة به بالخرص ، ويسوغ نسبة الخيانة إلى آحاد المالكين لدى تخلّف ما يوجد عندهم عمّا خرص.
والحاصل : أنّ جواز الخرص ـ الذي ستعرف مسلّميته عند الفريقين في الجملة ـ من أقوى الأدلّة على صحّة ما ذهب إليه المشهور من تعلّق حقّ الفقراء بالغلّات من حين بدوّ صلاحها ، فالقول به مع أنّه أوفق بالاحتياط ، لا يخلو من قوّة.
(ووقت الإخراج) الذي هو بحيث يسوغ للساعي مطالبة المالك به ، وإذا أخّرها عنه مع التمكّن ضمن (في الغلّة إذا صفت ، وفي التمر بعد اخترافه ، وفي الزبيب بعد اقتطافه).
اختراف التمر ـ بالخاء المعجمة ـ اجتناؤه ، ومثله الاقتطاف للعنب.
قال في المدارك تبعا للمسالك : وفي جعل ذلك وقت الإخراج تجوّز ، وإنّما وقته عند يبس الثمرة وصيرورتها تمرا أو زبيبا ، وهذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب ، بل قال في المنتهى : اتّفق العلماء كافّة على أنّه لا يجب الإخراج في الحبوب إلّا بعد التصفية ، وفي التمر إلّا بعد التشميس