وأجاب شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ـ عن دعوى عدم كونه شرطا في الغلّات ، نظرا إلى اختصاص أدلّته بما يعتبر فيه الحول من الأجناس :بأنّه خلاف فتاوى الأصحاب ، بل خلاف ظاهر ما يستفاد من الأخبار بعد التأمّل ، فإنّ قوله ـ عليهالسلام ـ في رواية سدير ، المسؤول فيها عن المال الذي فقد بعد حلول الحول ، ووجده صاحبه بعد سنين : «أنّه يزكّيه لسنة واحدة ـ يعني السنة الأولى قبل الفقدان ـ لأنّه كان غائبا عنه» (١) ، يدلّ بمقتضى التعليل على أنّ كل مال غائب لا يجب عليه الزكاة ، والمراد من الغائب ما يعمّ المفقود ، فيدلّ على أنّ الزكاة لا تتعلّق بعين المال المفقود ، ولا شكّ في عدم القول بالفصل بينه وبين مطلق غير المتمكن منه ، كالمغصوب والمجحود ونحوهما ، فيدلّ الخبر على أنّ الزكاة لا تتعلّق بالعين التي لا يتمكّن مالكه من التصرّف فيها ، كما إذا فرضنا الزرع حال انعقاد حبّته أو تسميته حنطة أو شعيرا مغصوبا ، فالزكاة لا تتعلّق بعينها بمقتضى الرواية المنضمّة إلى عدم القول بالفصل ، فإذا لم يتعلّق به حينئذ زكاة ، فلا تتعلّق به بعد ذلك ، لأنّ الزكاة إنّما تتعلّق بالغلّات بمجرد صدق الاسم ، أو بمجرّد انعقاد الحبّ في ملك المكلّف ، كما يدلّ عليه جميع ما دلّ على بيان وقت الوجوب.
ودعوى دلالة العمومات على وجوب الزكاة في الغلّات ، خرج صورة عدم التمكن من الإخراج ، فاسدة جدّا ، إذ تلك العمومات ليست إلّا ما دلّ على تعلّق الزكاة في الأجناس الأربعة ، فإذا فرض عدم تعلّقها بها حتى تحقّق عنوان هذه الأجناس في الخارج ، فلا مقتضي لثبوتها فيها بعد ذلك ، ألا ترى أنّه لو دخلت في ملك المكلّف بعد ذلك ، أو حدث
__________________
(١) الكافي ٣ : ٥١٩ / ١ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب من تجب عليه الزكاة ، الحديث ١.