الدالّتان على إناطة نفي الحلّية بالغنى بالتقريب المتقدّم.
فمثل طلبة العلم الذين جعلوا شغلهم التحصيل إذا قصر مالهم عن مؤونتهم غير مندرج في موضوع تلك القضيّة عرفا ، وقدرتهم على أن يكفّوا أنفسهم عن الزكاة باشتغالهم بالكسب بعد أن اتّخذوا تحصيل العلم حرفة لهم كقدرة أرباب الحرف والصنائع ـ الذين يقصر ربحهم عن مؤونتهم ـ على كسب آخر واف بمؤونتهم ، غير ملحوظة لدى العرف في ما هو ملاك الفقر والغنى ، وليس للشارع اصطلاح خاصّ في هذا الباب.
والروايات النافية لحلّ الصدقة على المحترف وذي مرة سويّ مسوقة ـ على الظاهر ـ لبيان عدم الفرق في الغنى المانع عن حلّية الصدقة بين كونه بالفعل أو بالقوّة القريبة منه ، مثل أرباب الصنائع الذين وظيفتهم التعيش بكسبهم ، لا مثل طلبة العلم الذين لا يراهم العرف كذلك ، فالأشبه جواز أخذ الزكاة لهم ، والله العالم.
(ولو قصرت) الحرفة أو الصنعة اللائقة بحاله (عن كفايته ، جاز له أن يتناولها) بلا خلاف فيه على الظاهر ، بل عن التذكرة أنّه موضع وفاق بين العلماء (١).
(و) إنّما الخلاف في تقدير الأخذ للقاصر ، فـ (قيل : يعطى ما يتمّ كفايته) لا أزيد.
(و) قيل : (ليس ذلك شرطا) بل يجوز أن يعطى ما يغنيه ويزيد على غناه.
وقد نسب هذا القول إلى المشهور (٢).
__________________
(١) حكاه العاملي في مدارك الأحكام ٥ : ١٩٧ ، وراجع : تذكرة الفقهاء ٥ : ٢٨٧ ، المسألة ١٨٩.
(٢) المناسب هو : صاحب الجواهر فيها ١٥ : ٣١٥ ـ ٣١٦.