وأمّا إذا لم يكن الشرط اختياريا له ، ولا بقاؤه في ملكه شرطا للوجوب ، بل مقدمة للواجب ، فقد يقال بانقطاع الحول بذلك كالمؤقّت ، لوجوب حفظ هذا المال وترك التصرّف فيه ، مقدّمة للوفاء بالنذر الذي تنجّز التكليف به من حين إنشاء صيغته.
ولكن يتوجّه عليه : أنّ الذي وجب بالنذر هو التصدّق بهذا المال المعيّن على تقدير حصول الشرط ، وهذا هو المراد بالوفاء الذي وجب عليه بالنذر ، فحاله حال سائر المقدمات الوجوديّة للواجبات المشروطة ، على ما حقّقناه في المبحث المشار إليه من تعلّق التكليف بها من حيث إنشاء الطلب ، ولا بعد حصول الشرط ، ولكن لا يتنجّز التكليف بها إلّا بعد إحراز تحقّق الشرط في وقته ، وإلّا فينفى وجوب مقدّماته بالأصل حسب ما فصّلناه في محلّه ، فهكذا الكلام هاهنا.
ويمكن دفعه ، بأنّه إذا وعد مثلا لـ (زيد) أن يدفع هذا المال إليه إن أتاه غدا في داره ، لزمه عقلا ـ إذا كان عازما على إنجاز وعده ـ إبقاء ذلك المال ، وعدم تعجيز نفسه عن دفعه إلى (زيد) على تقدير مجيئه إليه ، إذ العزم على دفع هذا المال لـ (زيد) على تقدير مجيئه ينافي إتلافه ، أو جعل نفسه عاجزا عن ذلك.
وهكذا الكلام فيما لو التزم به بنذر أو عهد وشبههما ، فإنّ إتلاف ما تعلّق به النذر ينافي التزامه بصرفه إلى المصرف الذي التزم به ، كما هو حقيقة النذر ، ولا معنى لأمر الشارع بالوفاء به إلّا إمضاء عمله ، وإيجاب الجري على حسب ما يقتضيه هذا الالتزام من حفظ قدرته على إنجاز ما التزم به ، وعدم تعجيز نفسه عن فعل ما التزم به على تقدير تحقّق شرطه ، كما لا يخفى على المتأمّل.
(والتمكّن من التصرّف في النصاب معتبر في الأجناس كلّها)