يمكنه فيه الاعتياض ونحوه ممّا يغنيه عن تناول الصدقات.
(ولو فضل منه شيء) ولو بالتضييق على نفسه كما نصّ عليه في الجواهر (١) (أعاده) وفاقا للأكثر ، بل المشهور على ما ادّعاه في الجواهر (٢) ، لأنّ الصدقة لا تحلّ لغني وقد أبيحت لابن السبيل الذي هو غنيّ في بلده ، لمكان حاجته الفعلية العارضة له في أثناء الطريق ، وهي لا تقتضي إباحتها له إلّا بمقدار حاجته في وقت احتياجه ، فلو دفع إليه أزيد من مقدار حاجته أو بمقدار حاجته ، ولكنّه لم يصرفه في حاجته حتّى وصل إلى بلده ، فقد صار إلى حال لا تحلّ الصدقة له ، فعليه إيصال ما بقي عنده من الصدقة إلى مستحقها.
(وقيل : لا) يعيد ، وقد حكي هذا القول عن الشيخ في الخلاف (٣) بناء منه على أنّه يملكه بالقبض ، فما يفضل منه بعد الوصول إلى بلده ليس إلّا كما يفضل في يد الفقير من مال الصدقة بعد صيرورته غنيّا.
وفيه : أنّ ما يستحقّه الفقير لا يتقدّر بقدر ، فما يصل إليه من الزكاة يملكه بقبضه ملكا مستقرّا.
وأمّا ابن السبيل الذي هو غنيّ في بلده لا يستحقّ من الزكاة إلّا نفقته إلى أن يصل إلى بلده ، فما يدفع إليه ملكيّته مراعاة بصرفه في وقت فقره وحاجته الفعلية ، أي : قبل استيلائه على أمواله ، فلو فضل منه شيء ، عاد على ما هو عليه من كونه صدقة من غير فرق في ذلك بين النقدين وغيرهما ، كما صرّح به في المسالك (٤).
__________________
(١) جواهر الكلام ١٥ : ٣٧٦.
(٢) جواهر الكلام ١٥ : ٣٧٦.
(٣) كما في جواهر الكلام ١٥ : ٣٧٦ ، وراجع : الخلاف ٤ : ٢٣٥ ، المسألة ١٨.
(٤) مسالك الأفهام ١ : ٤٢٠ ـ ٤٢١.