وفيه : إنّا ولو سلّمنا إمكان الخدشة في كل واحد واحد ممّا ذكروه دليلا أو مؤيّدا للمشهور ، بشيء من المناقشات التي تقدمت الإشارة إليها ، ولكنّ المنصف المتأمّل في الجميع لا يكاد يرتاب في صحة ما ذهب إليه المشهور ، ولا سيّما بعد الالتفات إلى عدم نقل خلاف يعتدّ به فيه ، وما تقدم من نقل الإجماع عليه ، الجابرين لضعف ما في الخبرين المزبورين في سند أو دلالة إن كان.
مع أنّ الحقّ عدم الحاجة في إثبات جواز إخراج القيمة إلى التشبّث بشيء من الأمور المزبورة ، بل يستفاد جواز إبدالها بالقيمة بل وجوبه غالبا لمن يتولى صرفها إلى مصارفها من الأصناف الثمانية التي ستعرفها من الكتاب والسنّة الآمرة بصرفها إلى هذه المصارف بدلالة الاقتضاء ، حيث إنّ الغالب تعذّر صرف عين الفريضة أو تعسّره من غير تبديل أو تغيير ، خصوصا إذا كانت من جنس الأنعام ، إلى تلك المصارف ، إذ كيف يتمكّن من صرف بنت المخاض أو بنت اللبون بعينها في عمارة المساجد وبناء القناطر ومعونة الحاج وغير ذلك من وجوه البرّ ، أو في أداء مال الكتابة وفكاك الرقاب ووفاء دين الغارمين الذين لا يبلغ دينهم هذا المبلغ ، أو لا يرضى صاحبه إلّا بحقه! فليس الأمر بصرف الزكاة إلى هذه الوجوه إلّا كالوصية بصرف ثلث تركته من المواشي والعقار والغلّات إلى استئجار العبادات ، أو شيء من مثل هذه الوجوه ، فإنّ مفادها عفا ليس إلّا إرادة صرف ثلثه إلى هذه المصارف بأيّ وجه تيسر.
وستعرف أنّه يجوز للمالك أن يتولّى بنفسه صرف الزكاة إلى مصارفها ، بل هو المكلّف بذلك أوّلا وبالذات ، وإن جاز له إيكاله إلى الإمام عليهالسلام ، أو الساعي ، أو وجب عليه ذلك لدى مطالبته ،