لو كان الأمر بالعكس ، بأن كان مبدأ حول المالية أول هذا الشهر ، كما لو ملك ألف شاة سائمة للقنية ـ مثلا ـ ثمّ نوى بعد ستّة أشهر التجارة ، وقلنا بكفاية القصد في صيرورتها مال التجارة أو عاوضها بمثلها بهذا القصد ، وقلنا بكفاية بقاء الجنس ، وعدم كون المعاوضة بالمثل موجبة لانقطاع حولها ، ينعكس ، فيتحقّق سبب الوجوب قبل أن يوجد سبب الاستحباب.
فإذا أخرج زكاتها التي تنجّز التكليف بها بالسبب السابق ثمّ بقي هذا المال إلى أن حال حول الثانية ، فهل يثبت بذلك زكاة اخرى حيث لم يتّحد عامهما وإن اشتركا في بعضه؟ وجهان ، بل قولان على ما صرّح به في الجواهر (١).
أقربهما العدم ، فإنّ اختلاف حولهما بداية ونهاية لا يجعل العام الذي هو اسم لاثني عشر شهرا عامين ، فإذا زكّى هذا المال في هذا الشهر من جهة التجارة ثم زكّاه بعد ستّة أشهر ـ مثلا ـ من جهة العينيّة ، فقد صدق أنه زكّى هذا المال من وجهين في ستّة أشهر ، فضلا عن صدق كونه في عام واحد ، فقضيّة قوله ـ عليهالسلام : «لا يزكّى المال من وجهين في عام واحد» (٢) : أنّه مهما زكّي مال من وجه لم يتعلّق [به] (٣) زكاة أخرى حتّى يحول عليه حول آخر غير الحول الذي أوجب عليه هذه الزكاة.
ولكن ليس مجرّد دخول [حول] (٤) السبب الأوّل الموجب لتنجّز التكليف بمسبّبه قاطعا لحول الآخر ، بل هو مراعى بالخروج عن عهدته ،
__________________
(١) جواهر الكلام ١٥ : ٢٨١.
(٢) الكافي ٣ : ٥٢٠ / ٦ ، التهذيب ٤ : ٣٣ / ٨٥ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب من تجب عليه الزكاة ، الحديث ١.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.
(٤) زيادة يقتضيها السياق.