أقول : لا يستفاد من الحسنة إلّا أنّه ليس للوارث صرف زكاته في دين أبيه إذا كان لمورثه تركة يمكن قضاء دينه منها ، سواء ظهر الدين قبل تقسيم التركة أم بعده ، بل يجب عليه إخراج الدين من أصل التركة ، لتقدمه على الإرث.
وهذا ممّا لا شبهة فيه ، فإنّ صرف الوارث زكاته في دين أبيه في مثل الفرض مرجعه إلى صرفها في مصلحة نفسه حيث يكون موجبا لصيرورة التركة ملكا طلقا له من دون أن يترتّب عليه فائدة للميّت أو لغرمائه ، إذ لا يتفاوت الحال بالنسبة إليهما بين أن يؤدّي الدين من التركة أو من غيرها.
هذا ، مع أنّ الحاجة إلى الزكاة في قضاء الدين شرط في الغارمين ، والأدلّة الدالّة على جواز قضاء دين الميّت من الزكاة لم تدلّ عليه حتّى في مثل الفرض ، كي يكون مثل هذه الرواية مخصّصة لها ، ضرورة قصورها عن شمول ما لو ترك الميّت ما يفي بدينه ، ولم يكن هناك مانع شرعي أو عرفي عن صرف تركته في دينه ، كما لا يخفى على من لاحظها.
نعم لو تعذّر استيفاء الدين من تركته ـ كما لو امتنع الوارث من أدائه ، أو غصبها ثالث ، أو لم يتمكّن الدائن من إثباته ، أو غير ذلك من الموانع ـ قد يقال : بجواز قضائه من الزكاة لحاجته إليها ، كما تقدّم (١) نقله من المسالك.
ولكنّه بالنسبة إلى من كان موسرا قبل موته لا يخلو من إشكال ، فإنّ ما دلّ على جواز صرف الزكاة في قضاء دين الغارمين كالآية الشريفة ونظائرها منصرف إلى الأحياء ، وما دلّ عليه في الأموات كالأخبار
__________________
(١) تقدم نقله آنفا عن المدارك.