أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ) (١٧)
فإنهم كانوا يكرهون البنات ، وجعلوا بين الله وبين الملائكة نسبا ، فقالوا : إن الملائكة بنات الله ؛ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم.
(أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ (١٨) وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ) (١٩)
لما كانت اللفظة التي تطلق على الأجسام النورانية والأرواح لفظة تقتضي التأنيث ، وهو الملائكة والجنة ، لهذا جعلهم من جعلهم بناتا وإناثا.
(وَقَالُوا لَوْ شَاء الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُم مَّا لَهُم بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (٢٠) أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ (٢١) بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (٢٢) وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ) (٢٣)
اعلم أن التقليد هو الأصل الذي يرجع إليه كل علم نظري أو ضروري أو كشفي ، فإذا كان التقليد هو الحاكم ولابد ، ولا مندوحة عنه ، فتقليد الرب أولى فيما شرع من العلم به ، فلا تعدل عنه ، فإنه أخبرك عن نفسه في العلم به ، فتقليد الحق أولى من تقليد من هو مخلوق مثلك ، فكما استفدت منه سبحانه الوجود فاستفد منه العلم ، فقف عند خبره عن نفسه بما أخبر ، ولا تبال بالتناقض في الأخبار ، فإن لكل خبر مرتبة ينزل ذلك الخبر فيها.