وهذه شهادة من الله في حق المشركين ، فهو تنبيه عجيب ، فما ذكروا قط إلا الألوهية ، وما ذكروا الأشخاص ، ولكن لم يقبل الله منهم العذر بل قال (فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ).
(وَقِيلِهِ يَارَبِّ إِنَّ هَؤُلَاء قَوْمٌ لَّا يُؤْمِنُونَ (٨٨) فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) ٨٩
(٤٤) سورة الدّخان مكيّة
بسم الله الرحمن الرحيم
سميت السورة بذلك الاسم لأن فيها آية (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ) وهي السورة التي خبأها النبي صلىاللهعليهوسلم لابن صياد ، فقال له : [ما خبأت لك؟ فقال له : الدّخ] وهو لغة في الدخان ، فعلم ابن صياد اسمها الذي نواه وأضمره في نفسه رسول الله صلىاللهعليهوسلم في خبئه ، فقال له صلىاللهعليهوسلم : [اخسأ فلن تعدو قدرك] أي علمك بهذا لا يخرجك عن قدرك الذي أهّلك الله له ، وقد روي [فلم تعدو قدرك] يعني بإدراكك لما خبأت لك ، فإنه صلىاللهعليهوسلم لم يختبر صافا بما خبأ له عن وحي من الله ، فلو كان عن وحي ما عثر عليه ابن صياد ، لأن الله من وراء ما يأمر به بالتأييد ، بل كان هذا القول مثل قوله صلىاللهعليهوسلم في إبار النخل ، فلما خرج خبؤه كان ذلك من الله تأديب فعل ، ليحفظ عليه مقام المراقبة ، فلا ينطق إلا عن شهود ، إذ بقرينة الحال يعلم أن النبي صلىاللهعليهوسلم ما خبأ له ما خبأ إلا ليعجزه ، فأبى الله ذلك ، فقال صلىاللهعليهوسلم : [إن الله أدبني فأحسن تأديبي] ولو نطق النبي صلىاللهعليهوسلم للحاضرين بقصده فيما خبأ له لارتدت جماعة من الحاضرين لذلك ، ولكن الله عصم نبيه صلىاللهعليهوسلم عن القول ، ولم يخرجه العلم بالخبيئة عن كونه كاهنا ، والحاضرون يعرفون أمر الكهنة وشأنهم ، ولا سيما أهل اليمن والحجاز وجزيرة العرب ، فلم يخرجه ذلك العلم عن قدره عند الحاضرين.
(حم (١) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (٣)