الشمس في فلكها ، فلم يصح مع هذا شرك عام ولا تعطيل عام ، وإنما هو أسماء سموها ، أطلقوها على أعيان محسوسة وموهومة عن غير أمر الله ، فأخذوا بعدم التوقيف ، والدهر عبارة عما لا يتناهى وجوده عند هذا الاسم ، أطلقوه على ما أطلقوه ، فالدهر حقيقة معقولة لكل داهر ، وهو قولهم : لا أفعل ذلك دهر الداهرين ، وهو عين أبد الآبدين ، فللدهر الأزل والأبد ، أي له هذان الحكمان ، لكن معقولية حكمه عند الأكثر في الأبد ، فإنهم أتبعوه الأبد ، فلذلك يقول القائل : دهر الداهرين ، وقد يقول : أبد الآبدين ، فلا يعرفونه إلا بطرف الأبد لا بطرف الأزل ، ومن جعله الله فله حكم الأزل والأبد ، وما ثمّ إن عقلت ما يعقل بالوهم ولا يعقل بالعقل ، ولا بالحس إلا الوجود الحق ، الذي نستند إليه في وجودنا ، فلهذه النسبة تسمى لنا بالدهر ، حتى لا يكون الحكم إلا له ، لما يتوهم من حكم الزمان ، إذ لا حاكم إلا الله ، وما تسمى بالطبيعة لأن الطبيعة ليست بغير لمن وجد عنها عينا ، فهي عين كل موجود طبيعي ، وبهذا يخالف حكم الدهر حكم الطبيعة ، فإن الدهر ما هو عين الكوائن والطبيعة عين الكوائن الطبيعية ، فتسمى تعالى بالدهر تنزيها وما تسمى بالطبيعة ، قال صلىاللهعليهوسلم لما سمع من يسب الدهر لكونه لم يعطه أغراضه : [لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر] لأنه المانع وجود ما لكم في وجوده غرض ، ولهذا سمي المانع ، فليس في أمان ولا من أهل الإيمان ، من اعتقد أن الدهر الذي ذكره الشرع هو الزمان.
(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (٢٥) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكَثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢٦) وَلَلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرضِ وَيَومَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٨)
كل أمة تدعى إلى كتابها لتقرأه حيث هو ، فاجعل كتابك في عليين.